يخرج، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإخراجه، ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل قريبا من الطائف فضرب به عسكره فقتل به ناس من أصحابه بالنبل، وذلك أن العسكر اقترب من حائط الطائف، فكانت النبل تنالهم، ولم يقدر المسلمون على أن يدخلوا حائطهم أغلقوه دونهم، فلما أصيب أولئك النفر من أصحابه بالنبل، وضع عسكره عند مسجده الذي بالطائف اليوم فحاصرهم بضعا[1] وعشرين ليلة[2]، ومعه امرأتان من نسائه، إحداهما أم سلمة[3] بنت أبي أمية، فضرب لهما قبتين، ما أقام، فلما أسلمت ثقيف بنى على مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو[4] بن أمية بن وهب بن معتب بن مالك مسجدا، وكانت في ذلك المسجد سارية - فيما يزعمون - لا تطلع الشمس عليها يوما من الدهر إلا سمع لها نقيض فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقاتلهم قتالا شديدا وتراموا بالنبل، حتى إذا كان يوم الشدخة[5] عند جدار الطائف، دخل نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الدبابة ثم زحفوا بها إلى جدار الطائف[6] ليخرقوه، فأرسلت عليهم ثقيف سكك الحديد محماة بالنار، فخرجوا من تحتها، فرمتهم ثقيف بالنبل، فقتلوا منهم رجالا، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع أعناب ثقيف، فوقع الناس فيها يقطعون"[7].
والحديث مرسل لأن عمروبن شعيب لم يدرك هذه القصة.
وأخرجه الطبري من هذه الطريق[8]. [1] البضع: بالكسر وقد يفتح: مابين الثلاث إلى تسع (النهاية 1/133) . [2] قوله:"فحاصرهم بضعا وعشرين ليلة" قال الزرقاني: "هذه رواية زياد البكائي عن ابن إسحاق، وفي رواية يونس بن بكير فقال: حدثني عبد الله بن أبي بكر وعبد الله ابن المكرم عمن أدركوا من العلماء أنه حاصرهم ثلاثين ليلة أو قريبا من ذلك" (شرح المواهب3/31) قلت: وقد روى البيهقي من طريق يونس بن بكير (بضعا وعشرين ليلة) . [3] والثانية: زينب بنت جحش، انظر مغازي الواقدي 3/926. [4] انظر ترجمة في الإصابة 2/524 و4/11. [5] في لسان العرب 3/505: الشدخ كسر الشيء الأجوف كالرأس ونحوه. [6] وعند الواقدي: "ودخل المسلمون تحت الدبابة وهي من جلود البقر وذلك يوم يقال له الشدخة، قيل: وما الشدخة؟ قال: ما قتل من المسلمين". (مغازي الواقدي 3/927-928) . [7] سيرة ابن هشام 2/478-483 والروض الأنف 7/231-234. [8] تاريخ الرسل والملوك 3/81و83.