وعند أبي داود من مرسل يحيى بن أبي كثير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاصر أهل الطائف شهرا وهذا سياقه:
135- عن أبي صالح[1] عن أبي إسحاق[2] الفزاري عن الأوزاعي[3] عن يحيى[4] بن أبي كثير قال: "حاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا، قال الأوزاعي فقلت ليحيى: أبلغك أنه رماهم بالمجانيق؟ فأنكر ذلك، وقال: ما يعرف هذا".
قال البيهقي: "كذا قال يحيى أنه لم يبلغه، وزعم غيره أنه بلغه"[5].
والحديث مرسل وهو حسن الإسناد، وهو يدل كسابقه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاصر الطائف شهرا.
وهذا لا يستقيم مع اتفاق العلماء على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد رجوعه من الطائف اعتمر من الجعرانة في ذي القعدة، ومع ما جاء عند البخاري من حديث المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جاءه وفد هوازن مسلمين فسألوه أن يرد إليهم أموالهم وسبيهم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحب الحديث إلي أصدقه فاختاروا إحدى الطائفتين إما السبي، وإما المال، وقد كنت استأنيت[6] بكم"، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم انتظرهم بضع عشرة ليلة حين قفل من الطائف" الحديث[7].
إذا علم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى هوازن في شهر شوال ووصل إلى حنين في اليوم العاشر منه ثم دارت معركة حنين بما فيها من تفاصيل وأعقب ذلك سرية أوطاس ثم بعد ذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأموال والسبايا فحبست بالجعرانة ثم توجه إلى الطائف، فإذا فرضنا أن غزوة حنين بما فيها سرية أوطاوس دامت عشرة أيام، مع [1] محبوب بن موسى، أو صالح الأنطاكي الفراء، صدوق من العاشرة لم يصح أن البخاري أخرج له، (ت 231) وله ثمانون سنة /د س. (التقريب 2/231 وتهذيب التهذيب 10/52-54) . [2] هو إبراهيم بن محمد بن الحارث، ثقة حافظ، له تصانيف، من الثامنة (185) /ع (المصدر السابق 1/41و1/151) . [3] هو عبد الرحمن بن عمرو أبو عمرو الأوزاعي الفقيه، ثقة جليل من السابعة / ع (المصدر السابق 1/493و6/238) . [4] يحيى بن أبي كثير الطائي ثقة ثبت لكن يدلس ويرسل، تقدم في حديث (129) . [5] البيهقي: السنن الكبرى 9/84. وانظر كتاب المراسيل لأبي داود ص 37. [6] استانيت بكم: أي أخرت قسم السبي لتحضروا فأبطأتم (فتح الباري: 8/34) . [7] تقدم برقم (108) .