إليه بعيني: أن أسكت، ثم قلت: إنما هم بنو فلان، يبتغون ضالة لهم، قال: لعله، ثم سكت، قال: ثم مكثت قليلا ثم قمت فدخلت بيتي، ثم أمرت بفرسي، فقيد لي إلى بطن الوادي، وأمرت بسلاحي فأخرج لي من دبر حجرتي، ثم أخذت قداحي[1] التي استقسم بها، ثم انطلقت فلبست لأمتي[2]. ثم أخرجت قداحي، فاستقسمت بها، فخرج السهم الذي أكره "لا يضره"[3] قال: وكنت أرجوا لأن أرده[4] على قريش، فآخذ المائة الناقة قال: فركبت على أثره، فبينا فرسي يشتد بي عثر بي فسقطت عنه قال: فقلت: ما هذا؟
قال: ثم أخرجت قداحي فاستقسمت بها، فخرج السهم الذي أكره "لا يضره" قال: فأبيت إلا أن أتبعه، قال: فركبت في أثره فبينا فرسي يشتد بي عثر بي، فسقطت عنه، قال: فقلت: ما هذا؟ قال: ثم أخرجت قداحي فاستقسمت بها فخرج السهم الذي أكره "لا يضره" قال: فأبيت إلا أن أتبعه، فركبت في أثره فلما بدا لي القوم ورأيتهم، عثر بي فرسي، فذهبت يداه في الأرض، وسقطت عنه، ثم انتزع يديه من الأرض، وتبعتهما دخان كالإعصار[5]، قال: فعرفت حين رأيت ذلك أنه ظاهر، قال: فناديت القوم: فقلت: أنا سراقة بن جعشم، انظروني أكلمكم، فوالله لا أريبكم ولا يأتيكم من شيء تكرهونه، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: "قل له: وما تبتغي منا؟ " [1] القداح - بكسر أوله: جمع قدح، بكسر أوّله وسكون ثانيه، والاستقسام: طلب الذي قسم له وقدر مما لم يقسم ولم يقدر، وهو استفعال منه، وكانوا في الجاهلية، إذا أراد أحدهم سفرا أو تزويجا، أو نحو ذلك من المهام ضرب بالأزلام وهي القداح، وكان على بعضها مكتوب: أمرني ربي وعلى الآخر: نهاني ربي، وعلى الآخر غفل. فإن خرج "أمرني" مضى لشأنه، وإن خرج "نهاني" أمسك، وإن خرج "الغفل" عاد، وأجالها وضرب بها أخرى إلى أن يخرج الأمر والنهي (المصدر السابق 2/311 و 4/20و63) . [2] اللأمة مهموزة: الدرع، وقيل السلاح، ولأمه الحرب أداته، وقد يترك الهمز تخفيفا (المصدر السابق 4/220) . [3] لا يضره: أي السهم المكتوب فيه هذه الكلمة. [4] في شرح المواهب: تعرض لهم بعد رواحهم من عند أم معبد، وذكر ابن سعد أن ذلك كان في قديد وكان يوم الثلاثاء. (شرح المواهب اللدنية 1/346 والطبقات الكبرى لابن سعد 1/232) . [5] الإعصار: ريح معها غبار شديد. (القاموس المحيط 2/90) .