والثانية: في النفل الذي يكون من الغنيمة بعد إخراج الخمس.
والثالثة: في النفل الذي يكون من الخمس نفسه.
والرابعة: في النفل من جملة الغنيمة قبل أن يخمس منها شيء.
فأما الذي لا خمس فيه فإنه السلب، وذلك أن ينفرد الرجل بقتل المشرك فيكون له سلبه خالصا من غير أن يخمس أو يشركه فيه أحد من أهل العسكر.
وأما الذي يكون من الغنيمة بعد الخمس، فهو أن يوجه الإمام السرايا في أرض الحرب فتأتي بالغنائم، فيكون للسرية مما جاءت به الربع أو الثلث بعد الخمس.
وأما الثالث فأن تحاز الغنيمة كلها ثم تخمس، فإذا صار الخمس في يدي الإمام نفل منه على قدر ما يرى.
وأما الذي يكون من جملة الغنيمة، فما يعطي الأدلاء على عورة العدو[1] ورعاء الماشية والسوق لها، وذلك أن هذا منفعة لأهل العسكر جميعا.
ثم قال: وفي كل ذلك أحاديث واختلاف.
ثم أورد الأدلة على كل مسألة من هذه المسائل المتقدمة"[2].
وقال الطبري - بعد أن ذكر اختلاف العلماء في المعنى المراد من الأنفال في قوله تعالى: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} ودليل كل - وأولى هذه الأقوال بالصواب في معنى الأنفال من قال: هي زيادات يزيدها الإمام بعض الجيش أو جميعهم، إما من سلبه على حقوقهم من القسمة، وإما مما وصل إليه بالنفل، أو ببعض أسبابه، ترغيبا له، وتحريضا لمن معه من جيشه، على ما فيه صلاحهم وصلاح المسلمين، أو صلاح أحد الفريقين، وقد يدخل في ذلك ما قال ابن عباس أنه الفرس والدرع ونحو ذلك [3]. [1] يعني على كشف مواطن الضعف في العدو والأماكن التي يسهل الدخول عليه منها. [2] كتاب الأموال لأبي عبيد ص 430-431 و438 و444 و449. [3] انظر قول ابن عباس عند مالك في الموطأ 2/455 كتاب الجهاد، باب ما جاء في سلب في النفل والطبري في الجامع البيان 9/170 ولفظه عن القاسم بن محمد قال: سمعت رجلا سأل ابن عباس عن الأنفال، فقال ابن عباس: الفرس من النفل، والسلب من النفل، ثم عاد لمسألته، فقال ابن عباس ذلك أيضا، ثم قال الرجل: الأنفال التي قال الله في كتابه ما هي؟
قال القاسم: "فلم يزل يسأله حتى كاد يحرجه فقال ابن عباس: أتدرون ما مثل هذا؟ مثل صبيغ الذي ضربه عمر بن الخطاب رضي الله عنه".