قال تعالى {فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} إلى آخرها والتي بعدها فهذه مصارف أموال الفيء ووجوهه.
178- ثم قال: روى الإمام أحمد فقال: حدثنا سفيان عن عمرو ومعمر عن الزهري عن مالك[1] بن أوس بن الحدثان عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم مما لم يوجف المسلمون بخيل أو ركاب، وكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصة، وكان ينفق على أهله منها نفقة سنة، وقال مرة قوت سنة، وما بقي جعله في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله عز وجل"[2].
ثم قال: "هكذا أخرجه أحمد ههنا مختصرا، وقد أخرجه الجماعة[3] في كتبهم إلا ابن ماجة من حديث سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن الزهري به"[4].
وقال ابن حجر: "واختلف العلماء في مصرف الفيء، فقال مالك: الفيء والخمس سواء يجعلان في بيت المال ويعطى الإمام أقارب النبي صلى الله عليه وسلم بحسب اجتهاده".
وفرق الجمهور بين خمس الغنيمة وبين الفيء، فقالوا: الخمس موضوع فيما عينه الله فيه من الأصناف المسمين في آية الخمس من سورة الأنفال[5]، لا يتعدى به إلى غيرهم، وأما الفيء فهو الذي يرجع النظر في مصرفه إلى رأي الغمام بحسب المصلحة.
ثم قال: "انفرد الشافعي - كما قال ابن المنذر وغيره - بأن الفيء يخمس وأن أربعة أخماسه للنبي صلى الله عليه وسلم، وله خمس الخمس كما في الغنيمة وأربعة أخماس الخمس لمستحق نظيرها من الغنيمة". [1] مالك بن أوس بن الحدثان - بمهملتين مفتوحتين ومثلثة- النصري- بالنون أبو سعيد المدني، له رؤية، وروى عن عمر، مات سنة 92 وقيل (91) /ع 0 التقريب 2/223) . [2] انظر الحديث في مسند أحمد 1/25و48، والبخاري 4/31 كتاب الجهاد باب المجن ومن تترس بترس صاحبه، ومسلم 3/1376 كتاب الجهاد والسير، باب حكم الفيء، والنسائي 8/119-120 كتاب قسم الفيء وأبو داود 2/125 كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب في صفايا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والترمذي 3/81-82 أبواب السير باب ما جاء في تركة النبي صلى الله عليه وسلم. [3] المراد بالجماعة: البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة. [4] تفسير ابن كثير 4/335. [5] هي قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} الآية 41 من سورة الأنفال.