موسى - عليه الصلاة والسلام - أكثر من ذلك فصبر، ثم أخبر أن نبيا كذبه قومه وشجوه حين جاءهم بأمر الله، فقال وهو يمسح الدم عن وجهه "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون" [1].
ج- ما أخرجه ابن إسحاق من حديث عبد الله بن عمرو وهذا سياقه:
184- قال: حدثني أبو عبيدة [2] بن محمد بن عمار بن يسار عن مقسم[3] أبي [1] مسند أحمد 1/453 و 456 وفي الصحيحين من طريق الأعمش حدثني شقيق قال: قال عبد الله: كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه، فهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: "رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون" لفظ البخاري. (صحيح البخاري 9/14 كتاب استتابة المرتدين) باب (5) . وصحيح مسلم 3/1417 كتاب الجهاد والسير باب غزوة أحد.
قال النووي: "قوله (يحكى نبيا من الأنبياء الخ) فيه ما كانوا عليه صلوات الله وسلامه عليهم من الحلم والتصبر، والعفو والشفقة على قومهم، ودعائهم لهم بالهداية والغفران وعذرهم في جنايتهم على أنفسهم بأنهم لا يعلمون وهذا النبي المشار إليه من المتقدمين، وقد جرى لنبينا صلى الله عليه وسلم مثل هذا في أحد" (شرح النووي على صحيح مسلم 4/434) وأشار ابن حجر إلى ما حصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد، ثم قال: وعند أحمد من رواية عاصم عن أبي وائل عن ابن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم قال نحو ذلك يوم حنين لما ازدحموا عليه عند قسمة الغنائم". (فتح الباري 12/282) ، وعلى هذا فتكون هذه الحكاية حصلت في غزوة أحد، وفي غزوة حنين. [2] كذا في الحديث: (أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر) والحديث عند أحمد في المسند 2/219 من طريق ابن إسحاق وفي نهاية الحديث قال عبد الله بن أحمد: أبو عبيدة اسمه محمد وهو ثقة، وأخوه سلمة بن محمد ابن عمار لم يرو عنه الأعلى بن زيد، ولا يعلم خبره.
ومقسم ليس به بأس ولهذا الحديث طرق في هذا المعنى وطرق أخر في هذا المعنى صحاح قلت:
وقد وثق أبا عبيدة ابن معين وقال أبو حاتم: منكر الحديث وعقب الذهبي عليه بقوله: قلت: صدوق إن شاء الله، وختم ترجمته بقوله: وثقه غير واحد. (ميزان الاعتدال 4/549) .
أما ابن حجر فقال عنه في التقريب2/448: أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر، أخو سلمة، وقيل هما واحد "مقبول" من الرابعة / ع (انظر تهذيب التهذيب 12/160-161) .
وعلى كل فإن أبا عبيدة يكون من رجال الحسن على أقل تقدير وقد حسن هذا الحديث ابن حجر نفسه في فتح الباري 12/291. [3] مقسم قال عنه ابن حجر في التقريب 2/273: صدوق وكان يرسل وفي التهذيب التهذيب 10/288-289. وثقه أحمد بن صالح المصري والعجلي ويعقوب بن سفيان والدارقطني.
وقال أبو حاتم: صالح الحديث لا بأس به.
وضعفه ابن سعد والساجي وابن حزم.
ورمز له الذهبي في ميزان الاعتدال 4/176 (بصح) إشارة إلى توثيقه، ثم قال: والعجب من أن البخاري أخرج له في صحيحه، وذكره في كتاب الضعفاء فساق له حديث شعبة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس: "احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو صائم" ثم روى عن شعبة أن الحكم لم يسمع من مقسم حديث الحجامة. وانظر: التاريخ للبخاري ص: 133-134 وقد تقدمت ترجمة مقسم في حديثها (75) .