قال فنادى يومئذ نداءين لم يخلط بينهما شيئاً[1]، قال: فالتفت عن يمنيه فقال: "يا معشر[2] الأنصار! " فقالوا: لبيك يا رسول الله! [3] أبشر نحن معك، قال: وهو على بغلة بيضاء[4] فنَزل فقال: أنا عبد الله ورسوله[5]، فانهزم المشركون[6] وأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائم كثيرة، فقسم في المهاجرين والطلقاء[7]، ولم يعط الأنصار شيئا، فقالت الأنصار: إذا كانت الشدة[8] فنحن ندعى، وتعطى الغنائم غيرنا!.
فبلغه ذلك، فجمعهم في قبة[9] فقال: "يا معشر الأنصار! ما حديث بلغني عنكم" فسكتوا، فقال: "يا معشر الأنصار[10]! أما ترضون أن يذهب الناس بالدنيا وتذهبون بمحمد صلى الله عليه وسلم تحوزونه إلى بيوتكم" [11].
قالوا: بلى يا رسول الله! رضينا قال: فقال: "لو سلك الناس واديا وسلكت الأنصار شعبا لأخذت[12] شعب الأنصار". [1] وعند أحمد وابن أبي شيبة: "ونادى يومئذ نداءين لم يخلط بينهما كلام". [2] المعشر: كمسكن الجماعة وأهل الرجل (القاموس المحيط 2/90) . [3] وعند البخاري: "قالوا: لبيك يا رسول الله وسعديك، لبيك نحن بين يديك". [4] وعند أحمد وابن أبي شيبة: "والنبي صلى الله عليه وسلم يومئذ على بغلة بيضاء". [5] وعند أحمد وابن أبي شيبة: "فنزل وقال: إني عبد الله ورسوله". [6] وعند ابن أبي شيبة: "ثم نزل إلى الأرض فالتقوا فهزموا ". وعند احمد: "ثم نزل بالأرض والتقو فهزموا". [7] وعند البخاري: "فأعطى الطلقاء والمهاجرين". وعند ابن أبي شيبة "وأصابوا من الغنائم، فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم الطلقاء وقسم فيها". [8] وعند البخاري: "إذا كانت شديدة فنحن ندعى ويعطى الغنيمة غيرنا". وعند أحمد: "ندعى عند الكرة وتقسم الغنيمة لغيرنا". [9] وعند أحمد وابن أبي شيبة: "فجمعهم وقعد في قبة". وعند البخاري ومسلم في لفظ وأحمد: "فجمعهم وقعد في قبة من أدم". والقبة: من الخيام: بيت صغير مستدير، وهو من بيوت العرب (النهاية (4/3) . [10] وعند أحمد وابن أبي شيبة فقال: "أي: معشر الأنصار". [11] تحوزونه بالحاء المهملة والزاي من الحوز وهو الضم يقال: حزت الشيء أحوزه حوزا وحيازة ضممته وجمعته، وكل من ضم إلى نفسه شيئا فقد حازه (المصباح المنير للفيومي 1/188) . [12] عند البخاري "لاخترت شعب الأنصار".