نام کتاب : نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز نویسنده : الطهطاوى، رفاعة جلد : 0 صفحه : 50
أعمل الطهطاوى تقنية الحذف؛ إذ لم يشر إلى الأماكن التى انتقل عبرها جيش النبى (ص) إلا مرة واحدة فقط (91) .
وتبدو البنية السردية لنقطة البداية" السابقة" عند الواقدى قائمة على توالى الأخبار، ويشير الواقدى، دائما، إلى الأيام التى وقعت فيها الانتقالات المكانية، كما يقدم تفصيلات لبعض الجوانب الثانوية (92) .
وتمثل رؤيا عائشة بنت عبد المطلب النقطة المحورية التالية في تحريك الوقائع وتوجيهها، وهى تقدم نبوءة ضمنية أولية بخسائر قريش. ويبدو حرص الواقدى وابن هشام على تقديم هذه الرؤيا مفصلة (93) ولكن الواقدى قدم، بعدها، بعض التفصيلات التى تصور جانبا من جوانب الصراع بين بنى هاشم وبنى أمية، كما قدم الواقدى عدة أخبار منسوبة إلى شخصيات قرشية مختلفة، يمثل كل خبر منها نبوءة بمصير قريش أو بعض رجالها، وأفاد الواقدى من هذه النبوات في تصوير دعوة بعض القرشيين إلى عدم الخروج لقتال محمد (ص) كما صور قيام بعض رجال قريش باستسقام الأقداح، فخرج النهى إليهم، لكنهم خالفوا ذلك (94) .
إن النبوءة تقنية من التقنيات السردية التى تشير إلى مستقبل أو مصير بعض الشخصيات المهمة، ومن هنا لعبت دورا أساسيا في السير الشعبية العربية (95) ، وبها يحقق الراوى وظيفة الاستباق إذ يشير بها إلى أحداث ستقع (96) فيما بعد.
إن راوى السيرة النبوية في نمطها المطول كان يتعامل دائما مع الواحدة السردية بوصفها إطارا عاما مرنا لا يقيد حريته في تقديم الأخبار التى تقدم بعض التفصيلات، أو الأخبار التى تمثل تكرارا لما قدمه من قبل، أو الأخبار التى تدعم منحى ضمنيا- تعبيريا أو أيديولوجيا- يعمل على تثبيته لدى المتلقى. وبقدر ما كانت تلك الحرية تفيد الراوى في تحقيق الأهداف السياسية والاجتماعية المتصلة بالسياقات والقوى الاجتماعية التى كان يروى السيرة في إطارها- فإنه كانت تمنحه إمكانية تقديم بعض التفصيلات التى تهدف إلى إقناع المتلقى، من ناحية، وتشويق المتلقى وإثارة رغبته في تتبع الوقائع، من ناحية أخرى ... وذلك ما يبدو واضحا في سرد الواقدى وابن هشام للنقطة التالية لرؤيا عاتكة؛ إذ يقدمان الأخبار المختلفة عن سعى قريش- قبل خروجها إلى بدر- إلى إصلاح ما بينها وبين بنى
نام کتاب : نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز نویسنده : الطهطاوى، رفاعة جلد : 0 صفحه : 50