نام کتاب : نور اليقين في سيرة سيد المرسلين نویسنده : الخضري، محمد جلد : 1 صفحه : 205
المسلمون بكثرتهم فلم تغن عنهم شيئا فإن مقدمة المسلمين توجّهت جهة العدو، فخرج لهم كمين كان مستترا في شعاب الوادي ومضايقه، وقابلهم بنبل كأنه الجراد المنتشر، فلووا أعنّة خيلهم متقهقرين، ولما وصلوا إلى من قبلهم تبعوهم في الهزيمة لما لحقهم من الدهشة، أما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فثبت على بغلته في ميدان القتال، وثبت معه قليل من المهاجرين والأنصار، منهم أبو بكر وعمر وعلي والعباس وابنه الفضل وأبو سفيان بن الحارث [1] وأخوه ربيعة بن الحارث ومعتّب بن أبي لهب، وكان العباس اخذا بلجام البغلة [2] ، وأبو سفيان اخذ بالركاب، وكان عليه الصلاة والسلام ينادي: إليّ أيها الناس، ولا يلوي عليه أحد، وضاقت بالمنهزمين الأرض بما رحبت. أما رجال مكّة الذين هم حديثو عهد بالإسلام والذين لم ينزعوا عنهم ربقة الشرك فمنهم من فرح، ومنهم من ساءه هذا الإدبار، فقال أبو سفيان بن حرب: لا تنتهي هزيمتهم دون البحر، وقال أخ لصفوان بن أمية: الان بطل السحر، فقال له صفوان وهو على شركه أسكت فضّ الله فاك [3] ! والله لأن يربّني [4] رجل من قريش خير من أن يربّني رجل من هوازن. ومرّ عليه رجل من قريش وهو يقول: أبشر بهزيمة محمّد وأصحابه، فو الله لا يجبرونها أبدا، فغضب صفوان وقال: ويلك أتبشرني بظهور الأعراب؟ وقال عكرمة بن أبي جهل لذاك الرجل: كونهم لا يجبرونها أبدا ليس بيدك، الأمر بيد الله ليس إلى محمّد منه شيء أن أديل عليه [5] اليوم، فإن العاقبة له غدا. فقال سهيل بن عمرو: والله إن عهدك بخلافه لحديث، فقال له: يا أبا يزيد إنّا كنا على غير شيء وعقولنا ذاهبة نعبد حجرا لا يضر ولا ينفع. وبلغت هزيمة بعض الفارّين مكّة. كلّ هذا ورسول الله واقف مكانه يقول: [1] ابن عم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأخوه من الرضاعة، وكان ممن يشبه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكان ممن يؤذي صلّى الله عليه وسلّم ويهجوه ويؤذي المسلمين، وأسلم يوم الفتح، وشهد حنينا، وكان في اخر حياته يفتش عن موضع قبره حتى يدخله في داره، وأمر بأن يحفر في قاعها قبرا ففعل فقعد عليه ساعة ثم انصرف، فلم يلبث إلّا يومين حتى مات فدفن فيه. [2] قال السهيلي: والبغلة التي كان عليها يومئذ التي تسمى البيضاء، وقد روى مسلم أنه كان على بغلة له بيضاء ولكن في مسلم أيضا أنه كان على بغلته الشهباء أيضا وقد قال النووي: إن البيضاء والشهباء واحدة ولا يعرف له غيرها. [3] فض الله فاه: أي أسقط أسنانه. [4] يربني: يكون ربا لي، أي ملكا علي. [5] يعني أن نغلبه اليوم فإن الغلبة له غدا.
نام کتاب : نور اليقين في سيرة سيد المرسلين نویسنده : الخضري، محمد جلد : 1 صفحه : 205