نام کتاب : أبجد العلوم نویسنده : صديق حسن خان جلد : 1 صفحه : 137
بهذه العلوم الآلية تضييعا للعمر وشغلا بما لا يغني وهذا كما فعله المتأخرون في النحو والمنطق وأصول الفقه لأنهم أوسعوا دائرة الكلام فيها نقلا واستدلالا وأكثروا من التفاريع والمسائل بما أخرجها عن كونها آلة وصيرها مقصودة بذاتها فيكون لأجل ذلك لغوا ومضرا بالمتعلمين لاهتمامهم بالمقصود أكثر من هذه الآلات فإذا أفنى العمر فيها فمتى يظفر بالمقاصد؟ فيجب عليه أن لا يستبحر فيها ولا يستكثر من مسائلها.
المنظر التاسع: في شروط الإفادة ونشر العلم
وفيه فوائد:
فائدة [1]: اعلم: أن الإفادة من أفضل العبادة فلا بد له من النية ليكون ذلك ابتغاء لمرضاة الله تعالى وإرشاد عباده ولا يريد بذلك زيادة وحرمة ولا يطلب على إفادته أجرا اقتداء بصاحب الشرع - عليه الصلاة والسلام - ثم ينبغي له مراعاة أمور منها: أن يكون مشفقا ناصحا بصاحبه وأن ينبهه على غاية العلوم ويزجره عن الأخلاق الردية ويمنعه أن يتشوق إلى رتبة فوق استحقاقه وأن يتصدى للاشتغال فوق طاقته وأن لا يزجر إذا تعلم للرئاسة والمباهاة إذ ربما يتبنه بالآخرة لحقائق الأمور بل ينبغي أن يرغب في نوع من العلم يستفاد به الرئاسة بالأطماع فيها حتى يستدرجه إلى الحق.
اعلم: أن الله سبحانه وتعالى جعل الرئاسة وحسن الذكر حفظا للشرع والعلم مثل الحب الملقى حول الشبكة وكالشهوة الداعية إلى التناسل ولهذا قيل: لولا الرئاسة لبطل العلم وأن يزجر عما يجب الزجر عنه بالتعريض لا بالتصريح.
فائدة: ومنها: أن يبدأ بالأهم للمتعلم في الحال إما في معاشه أو في معاده ويعين له ما يليق بطبعه من العلوم ويراعي الترتيب الأحسن حسبما يقتضيه رتبته على قدر الاستعداد فمن بلغ رشده في العلم ينبغي أن يبث إليه حقائق العلوم وإلا فحفظ العلم وإمساكه عمن لا يكون أهلا له أولى به فإن بث المعارف إلى غير أهلها مذموم وفي الحديث: "لا تطرحوا الدرر في أفواه الكلاب" وكذا ينبغي أن يجتنب إسماع العوام كلمات الصوفية التي يعجزون عن تطبيقها بالشرع فإنه يؤدي إلى انحلال قيد الشرع عنهم فيفتح عليهم باب الإلحاد والزندقة فينبغي أن يرشد إلى علم العبادات الظاهرة وإن عرض لهم شبهة يعالج بكلام إقناعي ولا يفتح عليه باب الحقائق فإن ذلك فساد النظام وإن وجد ذكيا ثابتا على قواعد الشرع جاز له أن يفتح عليه باب المعارف بعد امتحانات متوالية لئلا يتزلزل عن جادة الشرع.
فائدة: اعلم: أنه يجب على الطالب أن لا ينكر مالا يفهم من مقالاتهم الخفية وأحوالهم الغريبة إذ كل ميسر لما خلق له قال الشيخ[2] ابن سينا في الإشارات: كل ما قرع سمعك من الغرائب فذره في بقعة الإمكان [1] وضع المؤلف حرف "ف" بدلاً من كلمة "فائدة" رامزاً به إليها فأثبتناها كاملة حيث جاءت. [2] ابن سينا، الحسين بن عبد الله بن سينا، ابو علي، الفيلسوف الرئيس، صاحب التصانيف في الطب والمنطق والطبيعيات والإلهيات. ولد في إحدى قرى بخاري ومات في همذان، و"الإشارات" هو أحد كتبه الكثيرة: 370-428هـ = 980-1037م.
نام کتاب : أبجد العلوم نویسنده : صديق حسن خان جلد : 1 صفحه : 137