responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أبجد العلوم نویسنده : صديق حسن خان    جلد : 1  صفحه : 197
فإنه قد يحتاج إليها المجتهد لإفادة المتمذهبين السائلين عن مذاهب أئمتهم وقد يحتاج إليها لدفع من يشنع عليه في اجتهاده كما يقع ذلك كثيرا من أهل التعصب والتقصير فإنه إذا قال له: قد قال بهذه المقالة العالم الفلاني أو عمل عليها أهل المذهب الفلاني كان ذلك دافعا لصولته كاسرا لسورته وما أنفع الاطلاع على المؤلفات البسيطة في حكاية مذاهب السلف وأهل المذاهب وحكاية أدلتهم وما دار بين المتناظرين منهم إما تحقيقا أو فرضا كمؤلفات ابن المنذر وابن قدامة وابن حزم وابن تيمية ومن سلك مسالكهم فإن تلك المؤلفات هي مطارح أنظار المحققين ومطامح أفكار المجتهدين.
ومما يزيد من آراء هذه الطبقة العلية علوا ويفيده قوة إدراك وصحة فهم وسيلان ذهن: الاطلاع على أشعار فحول الشعراء ومجيديهم مع ما يحصل له بذلك من الاقتدار على النظم والتصرف في فنونه فإن من كان بهذه المنزلة الرفيعة من العلم إذا كان لا يقتدر على النظم كان ذلك خدشة في وجه محاسنه ونقصا في كماله.
وهكذا الاستكثار من النظر في بلاغات أهل الإنشاء المشهورين بالإجادة والإحسان المتصرفين في رسالاتهم ومكاتباتهم بأفصح لسان وأبين بيان لأنه ينبغي أن يكون كلامه على قدر علمه وهو إذا لم يمارس جيد النظم والنثر كان كلامه ساقطا عن درجة الاعتبار عند أهل البلاغة والعلم شجرة ثمرتها الألفاظ وما أقبح العالم المتبحر في كل فن أن يتلاعب به في النظم والنثر من لا يجاريه في علوم من علومه ويتضاحك منه من له إلمام بمستحسن الكلام ورائق النظام وأنفع ما ينتفع به في ذلك: منظومة الجزار[1] وشرحها والمثل السائر في أدب الكاتب والشاعر لابن الأثير ثم لا بأس على من رسخ قدمه في العلوم الشرعية أن يأخذ بطرف من فنون هي من أعظم ما يصقل الأفكار ويصفي القرائح ويزيد القلب سرورا والنفس انشراحا كالعلم: الرياضي والطبيعي والهندسة والهيئة والطب.
وبالجملة: فالعلم بكل فن خير من الجهل به بكثير ولا سيما من رشح نفسه للطبقة العلية والمنزلة الرفيعة ودع عنك ما تسمعه من التشنيعات فإنها شعبة من التقليد وأنت بعد العلم بأي علم من العلوم حاكم عليه بما لديك من العلم غير محكوم عليك واختر لنفسك ما يحلو وليس يخشى على من قد ثبت قدمه في علم الشرع من شيء وإنما يخشى على من كان غير ثابت القدم في علوم الكتاب والسنة فإنه ربما يتزلزل وتخور قوته فإذا قدمت العلم بما قدمنا لك من العلوم الشرعية فاشتغل بما شئت واستكثر من الفنون ما أردت وتبحر في الدقائق ما استطعت وحارب من خالفك وعذلك وشنع عليك بقول القائل:
أتانا أن سهلا ذم جهلا ... علوما ليس يعرفهن سهل
علوما لو دراها ما قلاها ... ولكن الرضا بالجهل سهل
وإني لأعجب من رجل يدعي الإنصاف والمحبة للعلم ويجري على لسانه الطعن في علم من العلوم لا يدري به ولا يعرفه ولا يعرف موضوعه ولا غايته ولا فائدته ولا يتصوره بوجه من الوجوه ولقد

[1] لعلها المعروفة ب "العقود الدرية في الأمراء المصرية" وهي ليحيى بن عبد العظيم بن يحيى بن محمد الجزار المتوفى سنة 679هـ = 1280م وهو أديب شاعر له ديوان شعر وكتب أخرى.
نام کتاب : أبجد العلوم نویسنده : صديق حسن خان    جلد : 1  صفحه : 197
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست