نام کتاب : أبجد العلوم نویسنده : صديق حسن خان جلد : 1 صفحه : 27
وتكديره وذهاب أثره ومحق بركته وأنت تعلم أن مثل هذا الكتاب يستلزم الكفر الصراح. فأين هذا القادح الفادح من نعيم دار يعدل موضع سوط أحدهم فيها الدنيا بأسرها وجميع ما فيها ومن دار نصيف إحدى زوجاتهم يعدل الدنيا وما فيها ومن دار لو أشرفت إحدى الجواري المعدة لهم على أهل الدنيا لفتنتهم أجمعين كما ثبت في الأحاديث الصحيحة. ومع هذا فقد ثبت قرآنا أنهم على سرر متقابلين وأنه يطوف عليهم ولدان مخلدون. وثبت سنة أنهم يجتمعون ويتزاورون. فليت شعري ما فائدة هذا الاجتماع والتزاور لمن لا عقل له ولا فهم ولا فكر ولا ذكر.
والحاصل أن التقول بمثل هذا القول هو من التقول على الله سبحانه بما لم يقل وعلى رسوله وعلى شريعته. بما لم يكن منها وقد ثبت في القرآن الكريم الحكم على المتقولين بما هو معلوم لكل من يعرف القرآن وإذا ثبت أن مثل هذا باطل في الدار الآخرة فانظر إلى هذه الدار دار الدنيا التي ليست بشيء بالنسبة إلى الدار الآخرة لو قيل لأحدهم: إنه سيكون لك ما تريد من جمال الهيئة وكمالها ومن النعيم البالغ ومن الرياسة التامة ولكن ستصاب بالجنون أو تفقد جميع المشاعر لقال: لا ولا كرامة دعوني أعش صعلوكا فقيرا فهو أطيب لي مما عرضتموه علي وأحب إلي مما جئتموني به:
خذوا رفدكم لا قدس الله رفدكم ... سأذهب عنه لا علي ولا ليا
وإنما أوردنا لك هذه الأمور لتعلم أن الروح للإنسان إذا كان ساذجا كان كله ساذجا إذ الروح هو الإنسانية التي يتميز بها صاحبها عن الدواب وجميع ما ذكرنا من العقل والحواس الباطنة والظاهرة هو له لا للحم ولا لدم ولا لعظم. فإذا كان الروح ساذجا فلم يبق إلا صورة اللحم والدم وهو المقصود بقولهم في بيان ماهية الإنسان إنه حيوان ناطق أي: مدرك للمعقولات وليس ذلك للقالب الذي هو فيه وكما أن ما ذكرناه وقررناه هو إجماع الطوائف الإسلامية على اختلاف أنواعهم فهو أيضا إجماع أهل الشرائع كلها كما يحكى ذلك عن كتب الله المنزلة على رسله وتحكيه أيضا كتبهم المؤلفة من أحبارهم ورهبانهم فإنه لا خلاف بينهم في المعاد وفي النعيم المعد لأهل الجنة كما حكاه الكتاب العزيز وقد أوردنا من ذلك في المقالة الفاخرة في إثبات الدار الآخرة وفي إرشاد الثقات إلى اتفاق الشرائع على إثبات التوحيد والمعاد والنبوات كثيرا من نصوص التوارة والإنجيل والزبور وسائر كتب نبوات بني إسرائيل. ولم يشذ منهم إلا اليهودي الزنديق موسى بن ميمون الأندلسي[1] وقد تبرأ منه قدماء اليهود وأخرجوه من دينهم. بل وكذلك النصارى وإن لم يكن من أهل ملتهم فقد صرحوا بخذلانه وزندقته قال النصراني في تاريخه: ورأيت كثيرا من يهود بلاد الإفرنج بإنطاكية وطرابلس يلعنونه ويسمونه كافرا انتهى. قلت: وقد وقع لهذا الملعون من تحريف كثير من التوراة ما يدل على إلحاده وزندقته وقد رددت ما حرفه وأوضحته بأتم إيضاح وأما يهود عصرنا فصاروا يعظمونه وذلك لجهلهم بحقيقة الحال. وقد ذكرت لجماعة من أحبارهم بعض تحريفاته فلعنوه وتبرؤوا منه وكما أن هذا الذي ذكرناه مجمع عليه بين أهل الملل التابعين لأنبيائهم، [1] هو موسى بن ميمون بن يوسف بن إسحاق القرطبي، طبيب فيلسوف يهودي، ولد وتعلم في قرطبة وتظاهر بالإسلام، ودخل مصر، فعاد الى يهوديته وأقام في القاهرة 37 عاماً كان فيها من سنة 567هـ رئيساً روحياً لليهود، ومات بها ودفن بطبرية في فلسطين 529-601هـ = 1135 - 1204م.
نام کتاب : أبجد العلوم نویسنده : صديق حسن خان جلد : 1 صفحه : 27