نام کتاب : أبجد العلوم نویسنده : صديق حسن خان جلد : 1 صفحه : 81
بني العباس وأكثر من أخرجه المأمون ووقع الاشتغال به والمحن والفتن وهلك به جماعة أوقعهم في الكفر والزندقة واشتغل به المأمون حتى إنه أرسل إلى ملك الإفرنج وذكر له أن مراده في الكتب التي لديهم وعربوها له ونبش لحد كسرى من أجل أنه قيل له: إن في قبره تابوتا فيه من كتب القدماء على أنه لو كان لا بد منه في العلم لكان الصحابة كلهم ليسوا بعلماء لأنهم لم يعرفوا علوم المعقول وكذا من بعدهم من التابعين ومن تبعهم ولا قائل به في العالم وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نحن أمة أمية لا نكتب ولا نحسب".
وأما العرف فغير معمول به لأنه إذا اشتغل بفن وعرفه سمي في العرف عالما وليس هو من العلم في شيء لأنه لا ينتفع به في الدين أصلا ولا يقدر أن يعمل بفرع من فروع الشريعة بنفس ذلك الفن كالنحو وغيره وإنما تلك الفنون آلة للكتاب والسنة فمن اشتغل بها ولم يتوصل بها إلى تلك الأمور فهو كمن أحكم السلم ولم يرتق عليه إلى محل مرتفع ولا فائدة له فيه
وكذا المقلد فإنه لا يعلم ما الحق في المسألة ولا مع من هو ولا قاله من قلده أصواب هو أم خطأ وهذا لا يصح إطلاق العالم عليه حتى قال النووي[1]: إنه إجماع وقالوا في أصول الفقه: إنه لا عبرة بالمقلد في إجماع العلماء لأنه ليس بعالم لأنهم حدوه: من يقبل قول من أفتاه من دون أن يطالبه بحجة وقد أوضح هذا بما لا مزيد عليه الشيخ الفاضل علي بن محمد[2] ولد شيخنا الشوكاني - رحمه الله - في القول السديد في نصح المقلد وإرشاد المستفيد.
وأما المشتغل فيما يثبت له ذلك إلا إذا ثبت له الملكة في الآلات وأمكنه معرفة الكتاب والسنة كما ينبغي لأنه عند شروعه يريد تحصيل ما به الوصول إلى معرفة العلم الذي يطلق على من قام به اسم العالم فإذا أطلق عليه عند الشروع فإنما هو مجاز بعلاقة الأول والقرينة الواقعة
فإذا عرفت هذا علمت أن العلم من أشرف المطالب لا يساويه مساو ولا تبلغ غايته غاية ولا فضيلة سواه ولقد صدق القائل: من فاته العلم ماذا أدرك ومن أدرك العلم ماذا فاته.
قال الشافعي: إذا لم يكن العالم العامل وليا فما لله ولي. والصحيح أن العالم له رتبة كبيرة وهي كونه وارث الأنبياء عليهم السلام وكونه ممن قال صلى الله عليه وسلم فيه: "لأن يهدي الله رجلا على يديك خير مما طلعت عليه الشمس" وكونه ممن يصدق عليه قوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} . وقوله: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} . وقوله: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ} .
ثم إن العلم له فوائد منها: أنه يؤجر على تعلمه وتعليمه والإفتاء به والقضاء بما دل عليه والتصنيف وإهداء الناس ويكون مما يتبع بعد الموت كما قال صلى الله عليه وسلم: "أو علم ينتفع به" وكما قال: "العلماء على منابر من نور يوم القيامة" وكما قال: "إن أنبياء بني إسرائيل يتمنى أحدهم أن يكون كعلماء هذه الأمة" وكما [1] هو محيي الدين يحي بن شرف بن مري النووي الدمشقي الشافعي، إمام فقيه محدث حافظ لغوي، له كتب كثير مشهورة: 631-677هـ = 1233-1278م. [2] اليمني الصنعاني الحنبلي وهو المعروف بابن الشوكاني، توفي سنة 1250م = 1834م.
نام کتاب : أبجد العلوم نویسنده : صديق حسن خان جلد : 1 صفحه : 81