نام کتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي نویسنده : محمود سالم محمد جلد : 1 صفحه : 253
ولولاك للأفلاك لم تجل نيّرا ... ولا قلّدت لبّاتهن بشهبان «1»
فشعراء المديح النبوي لم يتركوا معنى من معاني الحقيقة المحمدية إلا ذكروه في قصائدهم، وخاصة العلماء منهم، الذين اقتربت مدائحهم من المنظومات العلمية، فهم أرادوا أن يذكروا فيها كل شيء عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ما وسعهم إلى ذلك سبيلا، أما الشعراء الذين نظموا المدح النبوي وسواه، فإنهم لم يطيلوا الوقوف عند الحقيقة المحمدية، واكتفى كل منهم بذكر جانب من جوانب الحقيقة المحمدية.
فالباعونية المتصوفة التي أغرمت بالفضائل والمعجزات، لم تزد في الحقيقة المحمدية على قولها:
محمّد المصطفى الهادي الذي وجدت ... أنواره قبل خلق اللّوح والقلم «2»
أما ابن مليك الحموي، فإنه تابع غيره من شعراء المديح النبوي في ذكر الحقيقة المحمدية، ولم يضف شيئا إليهم، فقال في إحدى مدائحه النبوية:
لولاه ما كان لا شمس ولا قمر ... ولا سماء ولا أرض ولا جبل
ولا بحار ولا ملك ولا ملك ... ولا سماك ولا حوت ولا حمل «3»
فالحقيقة المحمدية، نظرية دينية انتشرت في العصر المملوكي وما قبله، لظروف موضوعية، دعت إلى ذيوعها، منها الصراع العقائدي مع أهل الكتاب، ومحاولة مجاراتهم في صفة السيد المسيح وطبيعته، ومنها انتشار التصوف الذي يميل مريدوه إلى الغيبيات والمعجزات، ويسعون إلى تشكيل عالم علوي لأرواحهم، يتوقون إليه، ويحتل فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مكانا متميزا بين الخالق ومخلوقاته.
(1) المقري: نفخ الطيب 5/ 48.
(2) ديوان الباعونية: ورقة 6.
(3) ديوان ابن مليك الحموي: ص 23.
نام کتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي نویسنده : محمود سالم محمد جلد : 1 صفحه : 253