الذكر تعني أن أكثر أهل العلم بالشعر ينكرون أن يكون هذا النص الشعري قد صدر من فم هذا القائل الذي ذكره ابن إسحاق، ولم يشتهر عند الرواة قائل آخر نسبت إليه تلك الأشعار، وهذا ما يفسر لنا عدم ذكر ابن هشام لاسم قائل آخر لهذا الشعر الذي شك فيه، سميت هذه الظاهرة من قبل أحد الباحثين بظاهرة الخلط والتداخل في أشعار السيرة [88] .
أما إذا تقلصت تلك الشكوك حول بعض النصوص الشعرية بحيث لم تتعد ذلك الكم الهائل الذي تنطبق عليه عبارة ابن هشام آنفة الذكر، تغيرت عبارته إلى: " وبعض أهل العلم بالشعر ينكرها" [89] ، وهذا ما يدل على أن هذه العبارة قد خصت بعض الأشعار التي لم تكن شكوك العلماء فيها بنفس حجم سابقتها، وبذلك فان ابن هشام قد حصر الشك أو الإنكار لهذه النصوص في قسم قليل من بعض العلماء، وإذا كان ذلك يعني ترجيح الحكم بالصحة عليها فان ذلك لا يعني القطع بها [90] .
لم يردف ابن هشام الاراء التي ذكرها لبعض العلماء في هذه الأشعار برأيه الشخصي فيها في مواطن عدة، وفي مواطن أخرى تدخل برايه في مدى صحة نسبة قصيدة إلى غير قائلها الذي ينسبها إليه ابن إسحاق [91] ، وهذا ما دفع أحد الباحثين إلى التعليق على ذلك بالقول: " ورأينا في تعليقات ابن هشام وتعقيباته مدى دقته في التعبير عن الحقيقة والتزامه بالحيادية في مواقفه، والأمانة في عرض [88] أحمد، شعر السيرة، ص 192- 202. [89] ينظر، السيرة، 1/ 649، 650، 2/ 23، 28، 39، 141، 165، 168، 176، 177، 178، 268. [90] أحمد، شعر السيرة، 237. [91] ينظر، السيرة، 1/ 14، 88، 89، 101، 129، 227، 232، 497، 643، 2/ 392، 409، 448، 544.