كان لاهتمام ابن هشام باللغة والنحو وتضلعه منهما حتى عد من الأئمة المبرزين في هذين العلمين [106] ، أثر فعال في بلوغ التهذيب هذا المبلغ من الإيضاح والتعبير للألفاظ الغريبة والمستعصية والتي حفزت العلماء الذين أتوا بعد ابن هشام بالاحتذاء بحذوه بإكمال شرح الألفاظ التي برأيهم قد تركها أو التي لم يوضحها بشكل مفهوم، وذلك بإفراد مصنفات مستقلة تناولوا فيها شرح هذه الألفاظ التي أوردها ابن هشام في سيرته [107] .
5. استقصاء وتتبع أسماء الذين استخلفهم رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلّم على المدينة المنورة في أثناء سيره للمعارك التي قام بقيادتها بنفسه أو عند سفره لبعض الشؤون الأخرى [108] ، وهذا الأمر يبرز لنا فكرا إداريا متطورا شرعه الرسول وجعله سنة لمن يأتي بعده بعدم ترك أمور الناس من قبل الذي يتولاهم دون وصاية أو نائب ينوب عنهم عند غيابه مهما كان وقت ذلك الغياب قصيرا.
6. تصحيح ابن هشام للهفوات والأخطاء التي وقع بها ابن إسحاق في أثناء عرضه لبعض الحوادث التأريخية أو أسماء الأشخاص [109] ، مما شكل ذلك ظاهرة لافتة للنظر تمثلت ببروز مبكر للمنحى النقدي في الروايات التي وردت في السيرة النبوية. [106] ينظر، القفطي، إنباه الرواة، 211، 2، السيوطي، بغية الوعاة، 2/ 115. [107] ينظر، برو كلمان، كارل، تأريخ الأدب العربي، ترجمة: عبد الحليم النجار، دار المعارف القاهرة، 1968، 3/ 3- 15. [108] ينظر، السيرة، 1/ 591، 598، 601، 612، 2/ 43، 46، 102، 190، 202، 209، 213، 202، 220، 234، 271، 284، 289، 308، 328، 370، 399، 519، 601. [109] ينظر، السيرة، 1/ 19، 78، 89، 95، 282، 299، 323، 2/ 55، 64، 88، 209، 222.