فمن هذه الروايات ذكره لحادثة شق الصدر بتفاصيل وطرق لم ترد عند سابقيه [151] ، إذ علق بعد إيراده لها: " وقد روى محمد بن زكريا الغلابي بإسناده عن ابن عباس عن حليمة السعدية هذه القصة بزيادات كثيرة وهي لي مسموعة، إلا أن محمد بن زكريا هذا متهم بالوضع فالاقتصار على ما هو معروف عند أهل المغازي أولى، ثم أني استخرت الله تعالى في إيرادها فوقعت الخيرة على ما تقدمه من نقل أهل المغازي لشهرته بين المذكورين" [152] ، فضلا عن هذا كله فقد تضمن أحد أجزاء هذا الكتاب من هذه الروايات الشيء الكثير [153] .
لم ترد هذه الروايات التي وردت في كتاب البيهقي هذا في مصنفات سبقت هذا الكتاب، وما ذلك إلا لعدم قناعة المتقدمين عليه بالرواية والرواة فضلا عن أن هذه الروايات هي من نتاج عقليات القصاص الذين يميلون قلوب الناس إليهم وذلك بروايتهم لكل غريب ومستعظم ومهول في نفوس الادميين [154] ، مما دفع هذا التكالب في إيراد الروايات الخاصة في معاجز الرسول والخوارق التي بدرت منه إلى شن أحد المتربصين للإسلام والمسلمين من الذين ينظرون إلى الأمور بجزئية إلى نبذ هذه الروايات كلها، إذ يقول ابن العبري (ت 683 هـ) في معرض حديثه عن دلائل نبوة الرسول والمعجزات التي أحصتها الكتب له:
" وقد نقل عنه المعجزات ... كانجذاب الشجر إليه وتسليم الحجر عليه ... ولم يبلغ رواة هذه الغرائب حد التواتر إنما نقلت على سبيل الاحاد وكان اعتماد [151] ينظر، المصدر نفسه، 1/ 131- 136. [152] دلائل النبوة، 1/ 139. [153] ينظر، المصدر نفسه، 6/ 7- 553. [154] ينظر، ابن الجوزي، القصاص والمذكرين، ص 10- 11.