الأندلسيين في هذه المدة [28] ، إذ أبرز عوامل عدة كانت وراء هذا العزوف من قبل العلماء الأندلسيين عن الكتابة عن سيرة الرسول وأحواله في هذه القرون آنفة الذكر وتأخرها إلى عصر ابن عبد البر النمري، وهذه العوامل [29] هي:
1. ان الأندلسيين أنتابهم شعور مفاده أن التأليف في السيرة النبوية وفي مغازي الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم هو من اختصاص أهل المشرق وبالذات أهل المدينة المنورة، فقيها نشأ الإسلام وترعرع ونما وأن أبناء الصحابة والتابعين هم الأجدر بالتأليف بالسيرة من غيرهم.
2. اطلع الأندلسيون في رحلاتهم إلى المدينة على ما تم تأليفه في السيرة مما أدى إلى حصول حدس لديهم بعدم جدوى تكرار ما كتبه سابقوهم.
3. ان الأندلس لم يكن لها نصيب وافر من الصحابة والتابعين الذين كانوا يروون على مسامع الناس سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم والحوادث التي مرت به وبصحابته.
4. لم تكن ظروف المسلمين في الأندلس وفي النصف الأول من القرن الثاني الهجري مواتية بالاتجاه للتدوين التأريخي، فقد كانت عقوده حافلة بالجهاد داخل وخارج شبه الجزيرة الإيبيرية.
5. عند ما استقرت الظروف في الأندلس بعهد الامارة في منتصف القرن الثاني الهجري اتجه المسلمون فيها إلى العناية بعلوم اللغة العربية والعلوم الشرعية. [28] ينظر، عجيل، كريم حسن، تطور التدوين التأرخي في الأندلس حتى نهاية القرن الرابع الهجري، رسالة دكتوراه غير منشورة، كلية الاداب، جامعة بغداد، 1996، ص 62. [29] ينظر، المصدر نفسه، ص 62- 64.