هذه هي الاسهامات التطورية التي كسبها الطبري للكتابة التأريخية، مع العلم بوجود اسهامات أخرى أقل منها أثرا تناولتها الدراسات التي تحدثت عن منهج الطبري وأسلوبه في كتابة التأريخ [88] ، وهذه الأمور أدت بدورها إلى جعل السيرة التي تضمنها هذا الكتاب من السير النموذجية للرسول صلى الله عليه وآله وسلّم لما حوته من جوانب أسهمت اسهاما فاعلا في تطور كتابة السيرة ليس في كتب التأريخ العام فحسب بل في باقي الكتب التي تناولت سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم وأحواله وهذه الجوانب هي:
1. تضمين القسم الذي خصص لسيرة الرسول باقتباسات كثيرة من السيرة التي كتبها محمد بن إسحاق، وذلك بطريق مختلف عن الطريق الذي سلكه ابن هشام للوصول إلى السيرة التي كتبها محمد بن إسحاق، إذ اعتمد على رواية سلمة بن الفضل الأبرش* لهذه السيرة، وذلك في (204) نصوص، حتى عدّه الحموي الطريق الأساس الذي بنى عليه الطبري تأريخه عند تعرضه لسيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم [89] .
ولأجل ذلك تضمنت السيرة التي وردت في تأريخ الطبري روايات عديدة لم يتطرق لها ابن هشام في التهذيب الذي عمله لسيرة ابن إسحاق، ولا سيما روايات العصر الذي يسبق الرسالة الإسلامية [90] . [88] ينظر، الحوفي، الطبري، ص 225، العزاوي، الطبري السيرة والتأريخ، ص 225- 230.
(*) قاضي الري، كتب سيرة ابن اسحاق في قراطيس، وفضلت روايته لسيرة ابن اسحاق لحال تلك القراطيس، توفي سنة 191، ينظر، إبن حجر، تهذيب التهذيب، 4/ 153، الطرابيشي، رواة محمد بن اسحاق، ص 147- 151. [89] ينظر، معجم الأدباء، 18/ 50. [90] ينظر، التأريخ، 1/ 93، 95، 104، 225، 322، 2/ 24، 119، 121، 188.