في تفسير القرآن] الذي وصف بالقول: " لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصل كتاب تفسير محمد بن جرير لم يكن ذلك كثيرا" [110] .
علل أحد الباحثين هذا الميل عند الطبري بأنه أراد أن يكون تأريخه تكملة لتفسيره الكبير، ولهذا أورد الروايات التأريخية بالوضوح والتدقيق والتحري نفسه الذي إتسم به التفسير [111] ؛ وهذا ما أوضحه قول الطبري الذي أورده ياقوت الحموي والذي مفاده: " قال أبو جعفر الطبري لأصحابه: أتنشطون لتفسير القرآن؟ قالوا: كم يكون قدره؟ قال: ثلاثون ألف ورقة! فقالوا: هذا مما يفني الأعمار قبل تمامه، فاختصره في نحو ثلاثة آلاف ورقة، ثم قال: أتنشطون لتأريخ العالم من آدم إلى وقتنا هذا؟ قالوا: كم قدره؟ فذكر نحوا مما ذكره في التفسير، فأجابوه بمثل ذلك، فقال: إنا لله ماتت الهمم، فاختصره في نحو ما اختصر التفسير" [112] .
وحدد الحموي تاريخ شروع الطبري بإملاء تفسيره بسنة (283 هـ) ، وحدد إنهاءه بسنة (290 هـ) ، أما التأريخ فقد كتبه سنة (303 هـ) [113] .
من هذا كله نرى أن هناك ترابطا صميميا بين كل من تفسير [جامع البيان في تفسير القرآن] و [تأريخ الرسل والملوك] ، انعكست آثاره على ما ورد فيهما من روايات؛ فقد كان يستشهد بالرواية التي يوردها بتفسيره الجامع في كتابه التأريخ، ومثال ذلك سبب نزول آية بدء القتال في معركة بدر [110] ياقوت الحموي، معجم الأدباء، 18/ 42. [111] جب، دراسات في حضارة الإسلام، ص 156. [112] معجم الأدباء، 18/ 42. [113] المصدر نفسه، 18/ 42.