كان للدراسات الحديثة التي كتبها الباحثون دور فعال في رفد هذه الرسالة بما توصلوا إليه من نتائج أغنت البحث والباحث عن مراجعة العديد من المصنفات واستقرائها، ومن أهم هذه الدراسات، دراسة المستشرق الالماني يوسف هور وفتس (المغازي الأولى ومؤلفوها) ، ودراسة الدكتور عبد العزيز الدوري (بحث في نشأة علم التأريخ عند العرب) ، إذ كانت هاتان الدراستان في طليعة هذه الدراسات لأن كل واحدة منها حوت بحثا معمقا للجذور الأولى لكتابة السيرة النبوية، وتداخلاتها مع المصنفات الأخرى، ثم دراسة المستشرق فرانتز روز نثال (علم التأريخ عند المسلمين) التي أعانتنا كثيرا في فهم المراحل التي مرت بها الكتابة التأريخية وأنماطها وطبيعة هذه الأنماط، وقد أكملت هذه الدراسة دراسة الدكتور شاكر مصطفى (التأريخ العربي والمؤرخون) التي كانت هي الأخرى منارا نستضيء به لمعرفة المصنفات التأريخية ومراحل كتابتها، فضلا عن دراسات أخرى كانت أضيق أفقا من هذه الدراسات السابقة لا نحسارها بعصر أو مكان معين أو شخصية مؤرخ، أثبتناها في قائمة المصادر والمراجع.
وانهي مقدمتي بتأكيد إحدى حقائق التكوين وهي أن الله تعالى قضى لكل كتاب أن يتطرق إليه النقص إلا كتابه المجيد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وما بذلته في هذه الدراسة كان جل وسعي، فإن أصبت فتوفيق من الله وإن أخطأت فهذا شأن البشر، رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ [5] . [5] سورة البقرة، آية 286.