2. تطور ونمو علم الحديث، إذ بمجرد أن مرت القرون على الإسلام متمثلة بعصر الرسالة والعصر الراشدي والأموي والعباسي وما رافق هذه العصور من حوادث وأمور وفرق ومذاهب واتجاهات فكرية، أدت هذه الأمور مجتمعة إلى ظهور حركة الوضع في الحديث النبوي فضلا عن أن بواعث البحث والتمحيص في مسائل التفسير والحديث والنحو هي التي حدت العلماء على تدوين سير الرواة والنظر في أسانيدهم وتراجمهم وأحوالهم حتى أصبح من شروط الاجتهاد في الفقه والتفسير معرفة الأخبار بمتونها وأسانيدها والإحاطة بأحوال النقلة والتحقق من سنوات ولادتهم ووفاتهم واعتماد بعضهم على بعض في الرواية، ومن ثم معرفة مدى صدقهم والطعن الذي وجه إليهم، الأمر الذي أدى إلى ظهور علم الجرح والتعديل الذي اختص بالبحث عن الرواة من حيث ما ورد من شأنهم بما يشينهم أو يمدحهم أو يزكيهم فضلا عن ذكر نماذج من مروياتهم، هذه الأسباب مجتمعة جعلت العلماء يقسمون رواة كل فن إلى طبقات، فنجد من ذلك التراجم للعلماء والأدباء والفقهاء والنحاة والمفسرين والصوفية وغيرهم [9] .
هذه لمحة بسيطة وموجزة عن العوامل والمؤثرات التي أدت إلى ظهور هذه المصنفات في التراث الفكري العربي الإسلامي والتي بينت لنا الاتساع والتطور الذي أحدثه المسلمون في مجال الكتابة العلمية المنهجية ذات البعد الحضاري العميق للإسلام ولرجالاته. [9] ينظر، عفيفي، تطور الفكر العلمي عند المسلمين، ص 310، العمري، أكرم، بحوث في تدوين السنة المطهرة، ص 41- 92.