إذ وصف أحد الباحثين هذا العامل في كتابه الطبقات، بأنه: " محور وفلسفة جديدة تدل على معيار الشمولية في فهم التأريخ" [18] .
علل الدوري منحى ابن سعد هذا بأنه أراد تسليط الضوء على تراجم مصنفي كتب الأيام والمغازي والفتوح ومساعدة المحدثين في تحقيق أسانيد الروايات التي ترد إليهم بتقسيم طبقات المحدثين على وفق مدنهم، مما يتبين أن دراسة الحديث في التأريخ قد أخذت في البروز تدريجيا عند العلماء [19] .
أراد ابن سعد من وضعه ترجمة موسعة للرسول صلى الله عليه وآله وسلّم في بداية كتابه هذا لتبيان علاقة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم بصحابته وأثر هؤلاء في أحداث عصرهم، ومن ثم التعرف إلى من سار على منوالهم من الذين تتلمذوا عليهم وسمعوا منهم، وجعل سير هؤلاء مجتمعة مقياسا تعرف به عدالة وثقة كل راو منهم، وإلا فبماذا نعلل ورود تلك القوائم الهائلة من الأعلام على وفق البلدان وأسماء الصحابة الذين نزلوا في تلك البلدان وأسماء من رووا عنهم من الناس [20] ؛ غير تعرف الخبر الصادق من الخبر الكاذب الذي رواه الرواة وذلك بالاطلاع على علاقة الصحابة واتصالهم بجمهور المسلمين ومعرفة من روى عنهم، لتكون السيرة التي شملها هذا الكتاب العامل المباشر في ظهور تلك التراجم بأسماء الصحابة ومن تلاهم. [18] ناجي، عبد الجبار، إسهامات مؤرخي البصرة في الكتابة التأريخية حتى نهاية القرن الرابع الهجري، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1990، ص 54. [19] ينظر، بحث في نشأة علم التأريخ عند العرب، ص 31- 32. [20] ينظر، الطبقات، 2/ 2/ 98- 135، 5/ 1- 143، 6/ 1- 391، 7/ 1/ 1- 119، 2/ 1- 307.