الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم في الأحكام وغيرها [154] ، إذ عدّ النووي نفسه عمله هذا قفزة نوعية في كتابة السيرة، إذ يقول مبينا هذا الأمر: " وهذا فصل نفيس وعادة أصحابنا يذكرونه في أول كتاب النكاح لأن خصائصه صلى الله عليه وسلم في النكاح أكثر من غيره وقد جمعتها في الروضة مستقصيا لها ولله الحمد، وهذا الكتاب لا يحتمل بسطها وأشير فيه إلى مقاصدها مختصرة إن شاء الله [155] ، وبعمله هذا أسهم إسهاما جادا في إيجاد منحى توثيقي بين كتب الفقه والحديث من جهة وكتب المؤرخين من جهة أخرى في ما يخص سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم وأحواله خلالها.
كانت هذه السيرة التي كتبها النووي مشابهة لمثيلاتها من السير التي كتبت في مصنفات التراجم من حيث عدم اعتماد المهتمين بالسيرة على مثل هذه الكتب، إذ لم يقتبسوا أي نص من نصوصها ولم يناقشوا أية رواية وردت فيها، باستثناء تعليق السخاوي (ت 902 هـ) عمّا أورده النووي من ذكر لأعداد خدام النبي ومواليه [156] ، إذ عدّد موالي النبي وخدامه بنحو (130) نفس من الأرقاء: من الرجال (70) ومن النساء (30) ومن الخدم الأحرار نحو (30) نفسا [157] .
وفي ختام الحديث عن تطور كتابة السيرة ضمن كتب الطبقات والتراجم نرى أن المصنفات التي كتبت في هذه المحاور قد إنعدم في معظمها التجديد والتطوير، بسبب من الأهداف والدوافع التي من أجلها صنفت هذه الكتب والتي تركزت في مجرد عرض سيرة للرسول صلى الله عليه وآله وسلّم مفتتحتا إياها من أجل التبرك [154] ينظر، المصدر نفسه، 1/ 38- 44. [155] المصدر نفسه، 1/ 37- 38. [156] ينظر، تهذيب الأسماء واللغات، 1/ 33. [157] ينظر، موالي النبي وخدامه، مخطوط في مكتبة الأوقاف العامة، بغداد، رقم (9696- 9699 مجاميع) ، ورقة 4.