كانت هذه الأبواب التي أوردها الترمذي في كتابه هذا متممة لما بدأه من عرض لأخلاق الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم وسجاياه فأراد من عرضه لهذه الأبواب إيجاد ترابط معنوي بين أبواب الكتاب مجتمعة وذلك بجعل هذه الأبواب مكملة لسابقتها، مع التنبيه إلى وجود أثر لا شعوري متمثل بمحاولة الترمذي السابقة في كتابة هذه الجوانب ضمن مصنفه (الجامع الصحيح) [26] ، مع العلم أن كتابه هذا قد تضمن ذكرا للعديد من الشمائل والصفات التي أتسم بها الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم وطريقة عيشه [27] .
3. جعل الترمذي كتابه هذا غفلا من ديباجة تفتتح الكتاب وتبين طريقته في التأليف ومقصده منه [28] ، وقد اتبع المنحى نفسه في مصنفه ذائع الصيت [الجامع الصحيح] [29] ، إذ أغفل فيه المقدمة التي يبين فيها منحاه في الكتابة والغاية من التصنيف؛ وهذا ديدن المحدثين في عصره حين يكتبون مصنفاتهم [30] ، وبهذا قد تابع الترمذي في كتابه مناهج المحدثين في عصره من حيث الأسلوب وطريقة الكتابة.
إن هذا المنحى الذي سار عليه الترمذي قد لاقى من يؤيده من المصنفين الذين انتهجوا منهجه في تدوين مصنف يجمع الأفعال والتصرفات التي كان [26] ينظر، الجامع الصحيح، 13/ 94- 122. [27] ينظر، المصدر نفسه، 8/ 17- 89، 173- 174، 9/ 214. [28] ينظر، الشمائل النبوية، ص 4. [29] ينظر، الجامع الصحيح، 1/ 5. [30] ينظر، ابن حنبل، المسند، 1/ 2، البخاري، الصحيح، 1/ 2.