واصفا كتابه هذا بأنه كتاب في سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم على وجه العموم [61] ، ويدحض باحث آخر تصريح القاضي عياض عند دراسته لمضامين كتابه هذا، فينتهي إلى عدّه كتابا واحدا من الكتب الفرعية للسيرة النبوية لأنه لم يتناول فيه غير جانب واحد من التاريخ النبوي لا غير، مع تأكيده أن مباحث الكتاب كانت مما يدخل في مباحث علم الكلام، ولكن الخصوصية التي جاء بها هي رواياته لأخبار وأحاديث تتصل بحياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم النفسية والاجتماعية التي أوضحها عرضه لشمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم وأخلاقه العالية [62] .
كل هذه الاراء قد أنارت لنا السبل في الاهتداء إلى المكان المناسب الذي نضع فيه هذا الكتاب من مجموع المصنفات المختلفة والمتشعبة الجوانب والمواضيع.
كان للعصر الذي عاش فيه القاضي عياض أثر واضح وملموس في كتابة مصنفه هذا، إذ كان عصره مرحلة من مراحل الاحتدام الفكري والسياسي بين المذاهب والدول التي نشأت وترعرعت في بلاد المغرب العربي والأندلس والتي حملت كل واحدة منها فكرة مغايرة للأخرى [63] ، إذ تركز لأجل ذلك منهجه في هذا الكتاب في نقطتين بارزتين هما: [61] الشفا بتعريف حقوق المصطفى، 1/ 278. [62] الكتاني، محمد، مقدمة معاصرة لكتاب الشفا، مجلة المناهل، عدد 19، ص 368- 369. [63] ينظر، ألفر، بل، الفرق الاسلامية في الشمال الافريقي، ترجمة: عبد الرحمن بدوي، دار ليبيا، بنغازي، 1969، ص 138- 259، سليمان، أحمد السعيد، تاريخ الدول الأسلامية ومعجم الأسر الحاكمة، دار المعارف القاهرة 1972، 1/ 42- 53.