مغاير عما طرحه ابن حجر، إذ وصف الدلائل بأنها تنقسم على قسمين: حسية وهي المعجزات، وأخرى معنوية وهي الأمانة والصدق والشجاعة والزهد وإيثار الاخرين على نفسه ... الخ من الصفات التي اتسم بها الرسول محمد [10] صلى الله عليه وآله وسلّم.
تمثلت هذه الفكرة بما كتبه البيهقي في كتابه دلائل النبوة حين جعل سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم برمتها دليلا من دلائل نبوته [11] ، وما صرح به ابن حزم حين عدّ سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم دليلا من دلائل نبوته، وذلك بقوله: " إن سيرة الرسول لمن تدبرها تقتضي تصديقه ضرورة، تشهد له بأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حقا، فلو لم تكن معجزة غير سيرته صلى الله عليه وسلم لكفى" [12] .
ابتدأ التصنيف في هذه الأمور في مدة مبكرة من تاريخ الإسلام الفكري، إذ تخبرنا فهارس الكتب عن تصنيف العلماء لها في بداية القرن الثالث الهجري، إذ ذكر ابن النديم أسماء عدّة مصنفات تناولت أعلام الرسول ودلائل نبوته [13] ، ثم أخذت المصنفات بالتكاثر شيئا فشيئا من بعد منتصف هذا القرن حتى نهايته، إذ اجمل أحد الباحثين عددها ب (9 مصنفات) [14] ، وهذه المصنفات التي ذكرها هذا الباحث لم تصل إلينا، فضلا عن ذلك فقد كانت مصنفات القرن الرابع والخامس الهجري أوفر حظا من المصنفات التي سبقتها، إذ وصلت إلينا منها [10] ينظر، البداية والنهاية، 6/ 65- 70. [11] ينظر عن دور البيهقي في ذلك، ص 76- 83 من هذه الدراسة. [12] الفصل في الملل والنحل، 2/ 90. [13] ينظر، الفهرست، ص 113، 129. [14] ينظر، المنجد، معجم ما ألف عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم، ص 62- 65.