نام کتاب : مناهج التأليف عند العلماء العرب نویسنده : الشكعة، مصطفى جلد : 1 صفحه : 269
استيعابه لغيره، وذلك في قوله: "وجدته يعد بشيء ولا يفي به في غير موضع منه، كقوله في أخبار أبي العتاهية: "وقد طالت أخباره ها هنا وسنذكر أخباره مع عتبة في موضع آخر"، ولم يفعل. وقال في موضع آخر: "أخبار أبي نواس مع جنان إذ كانت سائر أخباره قد تقدمت". ولم يتقدم شيء.
ويتابع ياقوت عدد الأصوات التي ذكر الأصفهاني أنها مائة ويحصيها فيجدها تسعة وتسعين لا غير.
ونحن نقف موقف الغرابة من إغفال الأصفهاني ذكر أبي نواس بصفة خاصة، ذلك أن صفات الشبه وسمات السلوك ومنعطفات الانحراف متشابهة إلى حد التطابق بين الرجلين بل إن ذكر أبي نواس وقصص مجونه والمنحرف من شعره، مما يتمشى مع هوى الأصبهاني في كتابه هذا. ومن هنا فلربما كان فرط الحرص مع هذا العمل الضخم سببًا في نسيان إلحاق فصل عن أخبار أبي نواس بالكتاب.
وأما إغفاله ترجمة ابن الرومي فنحن نميل إلى أنها مقصودة، بل إنه إهمال متعمد، وذلك لسلاطة لسان ابن الرومي ومرارة هجائه وشدة تطاوله على الناس بحيث كان أشد وطأة على بعضهم من بشار في أهاجيه. وأبو الفرج حين ذكر ابن الرومي في كتابه ذكره في سياق خبرين ينالان من مروءته ويطعنان في مسلكه، فقد ذكره مرة على أنه سارق منتحل والمرة الأخرى على أنه بعيد عن المروءة شامت في نكبة سليمان بن وهب[1]. ولم يكن الأصبهاني أول من أهمل ذكر ابن الرومي من مؤرخي الأدب فإن ابن المعتز صنع الشيء نفسه. [1] الأغاني "9/ 28، 20/ 72". مختصرات الأغاني:
لا شك أن في كتاب الأغاني من المظاهر والبواطن ما يغري بعض العلماء على اختصاره أو تبسيطه. واختصار الكتب الكبيرة أمر جرت عليه طبيعة الثقافة العربية. وقد عرفنا كيف كان بعض العلماء يختصرون كتبهم المطولة كما فعل العماد الأصبهاني مع كتابه "الخريدة" وكما فعل البيهقي مع "دمية القصر".
إن هناك من رأوا ضرورة اختصار "الأغاني" وتخليصه من الأسانيد ومفاتيح الموسيقى التي لا يفهمها إلا المتخصص، والتي أشرنا إلى شيء منها فيما مضى من صفحات بحيث يصبح الكتاب أدبًا محضًا، وهناك من رأى ضرورة تجريد الكتاب مما يخدش الحياء ويتنافى مع القيم الأخلاقية، وهناك من رأى إعادة ترتيبه بشكل زمني وإضفاء طابع كتب الطبقات
نام کتاب : مناهج التأليف عند العلماء العرب نویسنده : الشكعة، مصطفى جلد : 1 صفحه : 269