نام کتاب : مناهج التأليف عند العلماء العرب نویسنده : الشكعة، مصطفى جلد : 1 صفحه : 50
والمدينة على عدد أصابع اليدين، وحتى هؤلاء لم تكن قدراتهم تزيد على الكتابة التدوينية، أما الكتابة الأصيلة التي يحتاج إليها المؤلف فهي الكتابة الإنشائية التي تحتضن الفكرة وتحسن التعبير عنها وتسطرها في أسلوب مبسط يمكن القارئ من التقاطها واستيعابها.
وإذن فهناك مرحلة أساسية ضرورية سابقة لمرحلة التأليف، وهي مرحلة الكتابة الإنشائية التي تلتقط الفكرة وتحسن التعبير عنها وتقدمها مهضومة سائغة للقارئين وطالبي المعرفة.
إن كتب الأدب والأخبار تذكر لنا سالمًا مولى هشام بن عبد الملك على أنه رائد الكتابة العربية، وقد يكون هذا الخبر من الصحة بمكان، غير أن أثرًا واحدًا لسالم هذا لم يصل إلينا حتى نحكم له أو عليه، ومن ثم كان علينا أن نعتمد على ما بين أيدينا من نصوص كتابية نعتبرها نصوصًا رائدة في فن الكتابة العربية نستطيع من خلالها أن نتتبع تطور الكتابة العربية التي هي أداة فن التأليف في المكتبة العربية الإسلامية.
ويحضرنا في هذا السبيل عدد من الكتاب الرواد بعضهم عرب خلص والبعض الآخر من الفرس المستعربين.
يحيى بن يعمر العدواني:
فأما الأول فهو يحيى بن يعمر العدواني من قيس عيلان، كانا كاتبًا ليزيد بن المهلب بن أبي صفرة، كما كان قاضيًا لخراسان على عهد قتيبة بن مسلم الباهلي، غير أننا لا نهتم في هذا المجال بيحيى القاضي وإنما الذي يهمنا هو يحيى الكاتب، لقد كتب يحيى على لسان يزيد بن المهلب إلى الحجاج هذه الرسالة يبلغه فيها بنصر يزيد على أعداء الدولة، فقال:
"إنا قابلنا العدو فقتلنا طائفة وأسرنا طائفة ولحقت طائفة بعراعر الأودية وأهضام الغيطان، وبتنا بعرعرة الجبل وبات العدو بحضيضه"[1].
لقد كانت هناك كتابة بمعناها الحقيقي، وهي كتابة مبكرة؛ لأن يحيى بن يعمر واحد من التابعين، وشهد بعض الصحابة ودرس عليهم وروى عنهم. فقد لقي عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر، وقد كان يتسلح بما يتسلح به الكتاب الذين تتلمذوا على عبد الحميد وإن كان يحيى بن يعمر أسبق كتابة وزمانًا من عبد الحميد، ولم يكن يحيى مجرد كاتب أو قاضٍ [1] البيان والتبيين "1/ 377".
عراعر الأودية أسافلها، وعراعر الجبال أعاليها، وأهضام الغيطان مداخلها، والغيطان جمع غائط، هو الحائط ذو الشجر.
نام کتاب : مناهج التأليف عند العلماء العرب نویسنده : الشكعة، مصطفى جلد : 1 صفحه : 50