نام کتاب : نشأة النحو وتاريخ أشهر النحاة نویسنده : الطنطاوي، محمد جلد : 1 صفحه : 113
من الشعر "وكانوا يقصدونه لما مات حماد الراوية لأنه قد أكثر الأخذ عنه وبلغ مبلغا لم يقاربه حماد، فلما نسك خرج إلى أهل الكوفة فعرفهم الأشعار التي قد أدخلها في أشعار الناس، فقالوا له أنت كنت عندنا في ذلك الوقت أوثق منك الساعة فبقي ذلك في دواوينهم إلى اليوم"[1].
ومع أنه بصري فلم يعرف عنه أنه لبس على البصريين وروى لهم شعرا منحولا وربما كان منشأ ذلك العصبية البلدية التي تملي على المتأثر بها ارتكاب ما لا يجمل في المسائل العلمية، وقيل: إنه فعل ذلك انتقاما لنفسه إذ ذهب إلى الكوفيين أولا للتلقي عنهم فبخلوا عليه بشعرهم قال أبو زيد: "حدثني خلف الأحمر قال: أتيت الكوفة لأكتب عنهم الشعر فبخلوا علي به، فكنت أعطيهم المنحول وآخذ عنهم الصحيح، ثم مرضت فقلت لهم: ويلكم أنا تائب إلى الله. هذا الشعر لي، فلم يقبلوا مني، فبقي منسوبا إلى العرب لهذا السبب"[2].
إن المصادفة التي جمعت بين هذين الوضاعين لكفيلة بتوريث الكوفيين توهينا لمذهبهم فليس في الرواة جميعا على كثرتهم ومحاولة بعضهم الصنع من يداني حمادا وخلفا، فهما طبقة في التاريخ كله يعرف ذلك من له إلمام بالأدب.
أبصر ذلك البصريون فصدفوا عن شواهد الكوفيين واطرحوها ظهريا ولم يسمع عنهم إلا ما وقع من أبي زيد البصري الذي نقل عن المفضل الضبي الكوفي لأنه غير متأثر بالعصبية البلدية وقر عنده صدقه، قال السيرافي: "ولا نعلم أحدا من علماء البصريين بالنحو واللغة أخذ عن أهل الكوفة شيئا من علم العرب إلا أبا زيد فإنه روى عن المفضل الضبي. قال أبو زيد في أول كتاب النوادر أنشدني المفضل لضمرة بن ضمرة النهشلي، جاهلي: [1] المزهر النوع الرابع والأربعين. [2] هذه الكلمة في وفيات الأعيان "ترجمة أبي زيد".
نام کتاب : نشأة النحو وتاريخ أشهر النحاة نویسنده : الطنطاوي، محمد جلد : 1 صفحه : 113