نام کتاب : نشأة النحو وتاريخ أشهر النحاة نویسنده : الطنطاوي، محمد جلد : 1 صفحه : 126
لقائليها، فقد ينسب الشاهد لاثنين فأكثر وقد يقع التوزيع للبيت فبعضه لقائل وبعضه لقائل آخر، لقد زاد الأمر عن حده وطفح الكيل أمام النحويين فلا غرابة أن يختلف النحاة حينئذ في أحكامهم لاختلاف التقادير بينهم في الشواهد فتكاثرت الأقوال حتى تقابلت وتناقضت، وحق لكل أن يقول ما يقول لأنه قد قيل، ومن هنا يدرك صدق القائل: "عجبت لنحوي يخطئ".
الواقع الذي لا يتمارى فيه اثنان أن علم النحو واسع المضطرب كثير القواعد متشعب التطبيق على الجزئيات الكلامية التي لا تحد بغاية، وليس مقصودنا الآن هذا، إنما زج بنا إليه الاستطراد، وسنذكر كلمة خاصة في ذلك بمشيئة الله تعالى، إنما الذي نعنى به بيان الأسباب التي أوحت إلى التخالف بين الفريقين فحسب، ونمط التخالف بينهما، وما نجم عن هذا التخالف من المسائل على أن يكون البحث محصورا في المسائل العلمية لا فيما يتصل بالتسمية للأبواب، ولا فيما يرتبط بالتوجيه لما وقع الخلاف فيه، ولا فيما يعود إلى المدول لبعض الأنواع، فإن ذلك يقتضينا شيئا كثيرا.
فإذا كان البصري قد تحفظ في أقيسته وتشدد، والكوفى قد تحلل من القيود التي تقيد بها البصري واحتفى بكل مسموع له على كثرة روايته للشعر عنه، وكلفه بالشاذ منه ورواج المنحول عنده، واكتفائه بالشاهد الواحد أيا كان شأنه، مع التعويل على القياس النظري. أدركت سعة الفجوة بين الفريقين في مسلكيهما.
نام کتاب : نشأة النحو وتاريخ أشهر النحاة نویسنده : الطنطاوي، محمد جلد : 1 صفحه : 126