نام کتاب : نشأة النحو وتاريخ أشهر النحاة نویسنده : الطنطاوي، محمد جلد : 1 صفحه : 139
هذا، وكما نفذ اليزيدي إليها كذلك نفذ إليها المبرد توفي 285هـ، بفضل لياقته البادية للخلفاء والأمراء فنال مكانته عندهما وبقي ناعم البال فيها، وشارك ثعلبا تعليم ابن المعتز، ولا سيما وقد هدأت فيها المنازعة وكادت تضع أوزارها، وما أشبه كلا الرجلين - اليزيدي والمبرد - بالآخر في الوسائل التي أتاحت لهما طيب الحياة ببغداد وإن اختلف زمانهما.
الحق أن السياسة هي التي عاضدت الكوفيين وأوجدت منهم رجالا كونوا مذهبا ناضل المذهب البصري، ولولاها لما ثبتوا أمام البصريين في مساجلاتهم بل ولما قهروهم في مواطن كثيرة ظلما وعدوانا، والدنيا منذ الخليقة مملوءة بالأغراض والشهوات.
والبصريون وإن لم ينصفوا في حياتهم إلا أنهم كوفئوا بعد مماتهم بتفضيل العلماء لمذهبهم، وببقاء أغلب مؤلفاتهم تشيد بذكراهم، أما الكوفيون فلم ينالوا الأمرين، فالعلماء يرون مذهبهم في وضعه اللائق به، ومؤلفاتهم قد أسدل التاريخ ستاره على كثير منها، حتى كأن لم تكن لولا تراجم أصحابها التي تطلعنا على مؤلفاتهم، ولولا ذكرها عرضا خلال الكتب في بعض الأحيان لمناسبة ذكر خلاف.
وعلى كل حال فقد كان تلاقي الفريقين في بغداد موجها أنظار العلماء فيها إلى عرض المذهبين وانتقادهما.
نام کتاب : نشأة النحو وتاريخ أشهر النحاة نویسنده : الطنطاوي، محمد جلد : 1 صفحه : 139