دين ولا خلق قويم، ويعتبرون أن كل سلوك المسلمين أفراداً وجماعات، لا بد أن يفسر بالأغراض الشخصية والنوازع النفسية الدنيوية، وأن أي دافع ديني أخروي يبتغي به وجه الله لا وجود له عندهم، إلى غير ذلك من موازين ساقطة في نظر أي باحث علمي يخلص للحقيقة ويحترم منطقه وعقله.
وفيما يلي طائفة من الأمثلة التي تكشف هذه الموازين عند المستشرقين، حينما يكتبون في الإسلام وتاريخ المسلمين.
1- في محاولة المستشرق "جولدتسيهر" لإثبات زعمه بأن الحديث في مجموعه من صنع القرون الثلاثة الأولى للهجرة، وليس من قول الرسول، ادعى أن أحكام الشريعة لم تكن معروفة لجمهور المسلمين في الصدر الأول من الإسلام، وأن الجهل بها وبتاريخ الرسول كان لاصقاً بكبار الأئمة، وقد حشد لذلك بعض الروايات الساقطة المتهافتة، من ذلك ما نقله عن كتاب "حياة الحيوان" للدميري، من أن أبا حنيفة رحمه الله لم يكن يعرف هل كانت معركة بدر قبل أحد أم كانت أحد قبلها!!.
وما لا شك فيه أن أقل الناس اطلاعاً على التاريخ يرد مثل هذه الرواية، فأبو حنيفة وهو من أشهر أئمة الإسلام الذين تحدثوا عن أحكام الحرب في الإسلام حديثاً مستفيضاً، وذلك في فقهه الذي أثر عنه، وفي كتب تلامذته الذين نشروا علمه كأبي يوسف ومحمد، من غير المتصور بحال من الأحوال أن يكون جاهلاً بوقائع سيرة الرسول ومغازيه،وهي التي استمد منها فقهه في أحكام الحرب، ويكفي ذكر كتابين في فقهه في هذا الموضوع يعتبران من أهم الكتب المؤلفة في التشريع الدولي في الإسلام.
أولهما - كتاب الرد على سير الأوزاعي لأبي يوسف رحمه الله.
ثانيهما - كتاب السير الكبير لمحمد بن الحسن رحمه الله، وقد شرحه السرخسي وهو من أقدم وأهم مراجع الفقه الإسلامي في العلاقات الدولية، وقد طبع هذا الكتاب تحت إشراف جامعة الدول العربية، برغبة من جمعية محمد بن الحسن الشيباني للحقوق الدولية.