ولعل تاريخ السياسة الدولية منذ الحروب الصليبية لا يسجل لقاء بين الدول المتصارعة المتنافسة على اختلاف مذاهبها السياسية والاجتماعية أهم ولا أبرز من لقائها على حرب الإسلام وتفريق كلمة المسلمين، وتوهين قواهم في العالم، وربما اختلفت مناهجهم وخططهم التطبيقية لتحقيق هذا الهدف، وتفاوتت شدة وضعفاًَ، ولكنها على كل حال لا تخرج من حسابها العمل لتحقيقه، طال الزمن أو قصر.
* * *
الوسيلة الرابعة: الحصار الاقتصادي
تتعرض بلاد المسلمين باستمرار من قبل أمواج الطامعين الغربيين والشرقيين إلى أشكال متنوعة من الحصار الاقتصادي والضغط المرافق له.
والهدف من ذلك إخضاع الشعوب الإسلامية وإلجاؤها إلى الاستسلام لسلطان الغزاة السافرين أو المقنعين، والإذعان لتنفيذ مخططاتهم السياسية والاقتصادية والعسكرية ومرافقاتها الفكرية، بغية اجتثاث كل فكرة تعرقل سبيل جيوش الغزاة، وتقف عقبة في طريق تنفيذ مطامعهم السياسية أو العسكرية أو الاقتصادية.
أما وسائل الحصار الاقتصادي فكثيرة، منها الوسائل التالية:
الوسيلة الأولى: افتعال الأزمات الاقتصادية بحيل مقنعة، أو بضغوطٍ سافرة، أو استغلالها عند حدوثها لمحاربة المسلمين في أقواتهم وضروريات عيشهم، بغية إخضاعهم، وانتزاع موافقتهم على تنفيذ مطالب الطامعين في أموالهم أو بلادهم أو أنفسهم أو أفكارهم ومبادئهم.
ومن أمثلة ذلك حجب صفاتٍ التموين في سنوات القحط، أو الإغراء بتحويل معظم زراعة البلاد عن استنتاج المواد التموينية طمعاً بأرباح المواد الأخرى غير التموينية، ثم ترقب فرص حدوث الضرورات التموينية لشد