تقوم بين حين وآخر في مختلف البلاد الإسلامية نهضات إصلاحية، تتبنى الدعوة إلى الإسلام، والعمل على نشر علومه، إلى جانب العلوم الأخرى، لإبراز عنصر التآخي بين علوم الدين وعلوم الدنيا، ولتوضح قيمة الثقافة الإسلامية المفترى عليها، وكشف حقيقتها النا صعة للشبان المثقفين بالثقافات المعاصرة، ولبيان أثرها في سعادة الإنسان، ودفعه إلى ميادين المعرفة الحقة، التي من شأنها أن تسلط يد الإنسان على كل ما في الوجود من قوة، ضمن نظام محكم يضمن مصلحة الإنسانية وسعادتها ورفاهيتها، ولتعمل على تقويم أخلاق المتزودين منها، وتهذيب سلوكهم في الحياة وجعلهم عناصر إنسانية راقية صالحة لبناء مجتمع مثالي كريم.
وتجاهد هذه النهضات جهاداً مريراً، حتى تبني مؤسساتها الصغيرة بالكفاح والعرق وشظف العيش، دون أن تتلقى تأييداً أو مساعدة ذات بال من ذوي الغنى أو ذوي السلطان، حتى إذا بدأت تقف على أقدامها، وتنشط في تحقيق بعض غاياتها التي تهدف إليها، تفتحت عليها عيون أعداء الإسلام من كل جانب، وأخذت تراقب أعمالها وخطواتها بدقة ومكر وحذر، وتتباع كل تحركاتها، ثم تعمل على إحباط مشروعاتها بمختلف الوسائل المقنعة والسافرة، من داخلها ومن خارجها، وقد تدفع لمحاربتها هيئات أخرى من ضمن صفوف المسلمين، يغررون بها ويخدعونها ويشوهون أمامها وجه الحقيقة، كما يسلطون