الدار بالترحاب والإكرام، ثم زاد في إكرامه فأطال مدة إقامته، إلا أن أولاد هذا الضيف استطاعوا في يوم ما أن يستغلوا مرض صاحب الدار، ويعلنوا أمام الجيران أنهم أصحاب الدار ومالكوها، ثم شفى الله المريض وشهد ما وصل إليه أولاد ضيفه من فساد ولؤم وعدوان، فاستعان عليهم بذوي القوة فطردهم من بيته، فتفرق هؤلاء الأولاد في الأرض، ولكنهم ما زالوا يحنون إلى دار الضيافة، وبعد عشرات القرون من السنين، رجع الأحفاد يطالبون بدار الضيافة، ويزعمون أمام الناس أنهم أصحابها، وأنهم كانوا قد طردوا منها، وما على الناس إلا أن يملكوهم إياها، ويطردوا منها أبناء الذين كانوا قد استضافوهم في دارهم.
هذا هو منطق اليهود في هذا العصر، ومنطق الدول الكبرى التي تؤديهم وتمدهم؛ وما يدرينا فلعل اليهود سيطالبون بتملك جميع بلاد الدنيا، لأنهم سكنوها ضيوفاً فترات طويلة من الزمن.
أما وجود اليهود في فلسطين فإن الحقيقة التاريخية التي يعترفون بها تثبت أنه قد كان بمثابة وجود الضيف في المثل السابق، فإبراهيم عليه السلام قد كان من سكان ما بين النهرين، فجاء مهاجراً إلى أرض الكنعانيين، وقد استضافه الكنعانيون وأحسنوا وفادته، وكان له أسرة قليلة العدد ضمن سكان كثيرين، ولم تلبث هذه الأسرة أن هاجرت إلى مصر، ثم عادت بعد قرون ومعها رسالة الجهاد المقدس، إلا أن الفساد قد أسرع إليها، فسلب الله عنها النعمة، واستمر أصحاب البلاد الأصليين في أرضهم، ولما جاءت المسيحية دخل قسم منهم فيها، ثم لما جاء الإسلام أسرعوا إليه فصاروا مسلمين.
فهل لهذه الدعوى التي يصنعها اليهود، ويؤيدهم فيها أمثالهم في الإثم والجرم، أقدام تقف عليها في مواجهة منطق الحق الذي يملكه الفلسطينيون؟
6- الرغبة بالانتقام تنفسياً عن الكراهية والأحقاد الموروثة
ومن البواعث النفسية الأنانية التي تدفع مجرمي التسلط المادي المدنس بالأهواء والشهوات، والأحقاد والنزوات، إلى العدوان على غيرهم من