وقد أدرك جيش غزو الإسلام والمسلمين ذو الأجنحة الثلاثة هذه الحقيقة، فأعد لكل عنصر من عناصر قوى المسلمين المختلفة خطط تفتيت وهدم وتوهين. وتآزرت الأجنحة على محاربة هذه العناصر، واعتبرت محاربتها أهدافاً مشتركة تعمل على تحقيقها، وانطلق كل جناح يستعمل الأسلحة التي يقدر على استعمالها، ضمن خطوط السير التي ترسمها وتملي تعليماتها غرفة العمليات العليا لقيادة هذا الجيش الظالم الآثم.
فبينما تكون أسلحة الجناح السياسي والعسكري دائرة بين مصاولات ومداورت الخداع السياسي والحربي، تكون أسلحة الجناح الذي يضطلع بمهماته المستشرقون دائرة بين محاورات فكرية ودسائس علمية وبحوث ومؤلفات دينية واجمتاعية ونفسية وتاريخية مملوءة بالدس والتحوير والتلاعب بالحقائق ومملوءة بالانتقادات والتهجمات المزورة الملفقة على المفاهيم والأفكار والأحكام والشرائع الإسلامية، ومشتملة على أكاذيب موضوعة على التاريخ الإسلامي، وعلى ما يستطيعون من تعاليم الإسلام، وفي الوقت ذاته تكون أسلحة الجناح التبشيري دائرة في ميادين التعليم والخدمات الصحية والاجتماعية بمختلف المستويات.
ولذلك نجد السلطات الاستعمارية سياسية كانت أو عسكرية تدعم كلاً من الجناحين الاستشراقي والتبشيري دعماً كبيراً جداً بالمال والحماية وتذليل المهمات والإنقاذ عند اشتداد الأزمات والتزويد بالمعلومات السياسية والعسكرية عند الحاجة وبكل ما لديها من خبرات سياسية وإدارية، ولكنها تحاول بقدر الإمكان أن لا تتظاهر بذلك. وفي هذا الدعم تتلقى المؤسسات التبشيرية المساعدات الجمة من مختلف الدول الكبرى على شكل مخصصات ذات أرقام عالية جداً تستطيع أن تدعم بها ميزانياتها الضخمة وأن تنشئ بها المؤسسات التعليمية والثقافية الصحية والاجتماعية في معظم البلاد، وأن تعد البعوث وما تسميه بالإرساليات إعداداً عالياً، حتى تستطيع القيام بمهماتها على أكمل وجه ممكن لها، ويضاف إلى هذه المخصصات الدولية سيل عظيم من المساعدات المالية التي يقدمها أثرياء العالم من الذين يؤمنون بالرسالة التي يقوم