نام کتاب : أصول الدعوة نویسنده : عبد الكريم زيدان جلد : 1 صفحه : 101
تقوي في المؤمن معاني الأخلاق الفاضلة، وتقيه من الأخلاق الرديئة، ولا يجوز له التعرض إلي البيئة الفاسدة ذات الناس الفاسدين، بحجة أنه متين الأخلاق لا يخشى عليه التأثير بهم أو بها، فإنَّ هذا غرور ووهم، ومثاله مثال من يتعرض إلى المكان الموبوء بمرض السلِّ ونحوه بحُجَّة أنه قوي البنية، ونستأنس لهذا الذي نقوله بالحديث الشريف الذي جاء فيه أنَّ رجلًا قتل مائة نفس، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض، فدُلَّ على رجلٍ عالم فأتاه، فقال: "إنه قتل مائة نفس، فهل له من توبة، فقال: نعم، ومن يحول بينك وبين التوبة؟ انطلق إلى أرض كذ وكذا، فإن بها ناسًا يعبدون الله، فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء ... إلخ " [1] فهذا الحديث يدل على ضرورة التحوّل من المجتمع الفاسد إلى المجتمع الطيب، أو إلى الجماعة الطيبة المؤمنة العابدة، فإن العيش معها والبقاء معها أدْعَى إلى استقامة الشخص وابتعاده عن السوء.
والبيئة الفاسدة كل ما يعرضك للمعصية وسوء الأخلاق، والبيئة الصالحة كل ما يعينك على طاعة الله وتقواه، ومنها: حسن الأخلاق.
12- الحرص على كل صفة جميلة واعتبارها كالجوهرة النفيسة التي يجب صونها وحفظها وعدم التفريط بها، وعدم الاستهانة بكل صفة قبيحة وإن بَدَت بسيطة قليلة الشأن؛ لأنَّ المسلم لا يستقلّ أبدًا أيَّ خلق حسن، ولا يستهين بأيِّ خلق سيء، فرب صفة طيبة ترفعه إلى درجات عالية، ورب صفة خبيثة تدخله النار، وقد مدح الله تعالى رسوله إسماعيل -عليه السلام- بصفة صدق الوعد، قال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ} وفي الحديث: "اتقوا النار ولو بشق تمرة"، كما أنَّ الصفة الواحدة والمحافظة عليها والدوام عليها تؤدي إلى رسوخها فيه، فإن كانت صفة خير كان ذلك خيرًا له، وإن كانت صفة شرٍّ كان ذلك شرًّا له، والخير يؤدي إلى الخير، والشر يؤدي إلى الشر، جاء في الحديث الشريف عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "عليكم بالصدق، فإنَّ الصدق يهدي إلى البر، والبرّ يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرَّى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال العبد يكذب [1] تيسير الوصول ج1 ص212.
نام کتاب : أصول الدعوة نویسنده : عبد الكريم زيدان جلد : 1 صفحه : 101