نام کتاب : أصول الدعوة نویسنده : عبد الكريم زيدان جلد : 1 صفحه : 135
أو تصح وتقوى تبعًا لصلاح المجتمع أو فساده، وقد أشار النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- إلى هذه الحقيقة، فقد جاء في الحديث الشريف: "ما من مولود إلّا يولد على الفطرة، فأبواه يهوداه وينصرانه ... إلخ "، فالأبوان بالنسبة للصغير مجتمعه الصغير الذي يؤثر فيه، فيدفعه إلى الفساد أو الصلاح، فإذا كان الأبوان ضالّيْن دفعاه إلى الضلال، وإخرجاه عن مقتضى الفطرة السليمة التي خلقه الله عليها، وإذا كانا صالحين أبقياه على الفطرة التي خلقه الله عليها، ونمَّيَا فيه جانب الخير، وهكذا شأن المجتمع الكبير في تأثيره في الفرد صلاحًا وفسادًا.
165- ثانيًا: ضرورة قيام المجتمع الصالح
وقيام المجتمع الصالح ضروري للفرد؛ لأنَّ المطلوب من المسلم تحقيق الغرض الذي خُلِقَ من أجله وهو عبادة الله وحده، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} ، والعبادة اسم جامع لما يحبه الله تعالى من الأقول والأفعال والأحوال الظاهرة والباطنة[1]، وهذا المعنى الواسع للعبادة يقتضي أن يجعل المسلم أقواله وأفعاله وتصرافته وعلاقاته مع الناس على وفق ما جاءت به الشريعة الإسلامية، والمسلم لا يستطيع أن يصوغ حياته هذه الصياغة، أي: أن يكون مجتمعًا إسلاميًّا صحيحًا، فإن لم يكن كذلك بأن كان مجتمعًا جاهليًّا صرفًا، أو مجتمعًا مشوبًا بمعاني الجاهلية، فإن المسلم لا يستطيع فيه أن يحيا الحياة الإسلامية المطلوبة، أو يتعذَّر عليه ذلك، ولهذا يأمر الإسلام بالتحول من المجتمع الجاهلي إلى المجتمع الإسلامي ما دام عاجزًا عن إزالة جاهليته، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} ، وقد جاء على تفسير هذه الآية الكريمة أنَّها نزلت "في كل مَنْ أقام بين ظهراني المشركين وهو قادر على الهجرة، وليس متمكنًا من إقامة الدِّين، فهو ظالم لنفسه مرتكب حرامًا بالإجماع"[2] ولهذا يجب على كل [1] مختصر فتاوي ابن تيمية ص172، 173. [2] تفسير ابن كثير ج1 ص542.
نام کتاب : أصول الدعوة نویسنده : عبد الكريم زيدان جلد : 1 صفحه : 135