نام کتاب : أصول الدعوة نویسنده : عبد الكريم زيدان جلد : 1 صفحه : 215
الأئمة منهم؛ ليحصل الائتلاف ويسهل الانقياد ويتحقق مقصود الخلافة[1]، ثم يستنتج ابن خلدون فيقول: "فإذا ثبت أنَّ اشتراط القرشية إنَّما هو لدفع التنازع بما كان لهم من العصبية والغلب، وعلمنا أنَّ الشارع لا يخص الأحكام بجيل ولا عصر ولا أمة، علمنا أنَّ ذلك إنما هو من الكفاية، فرددناه إليها وطردنا العلة المشتملة على المقصود من القرشية وهي وجود العصبية، فاشترطنا في القائم بأمور المسلمين أن يكون من قوم أولي عصبية قوية غالبة على من معها لعصرها؛ ليستتبعوا من سواهم، وتجتمع الكلمة على حسن الحماية"[2] ومعنى ذلك: إنَّ مآل القرشية عنده أصبحت تعني الانتساب إلى جماعة قوية يعترف الناس لها بالقوة والشوكة والتقدم والفضل؛ ليحملهم ذلك على طاعة من يولَّى الخلافة منهم، فتهدأ تاثرتهم ويسهل حكمهم، وينقادوا إلى الحكم المرضي المطلوب.
والواقع أنَّ الحديث: "الأئمة من قريش" حديث صحيح لا مجال للطَّعن في سنده ولا في متنه، فيبقى تحديد المعنى المقصود منه، والذي فهمه الفقهاء من هذا الحديث: هو اشتراط النسب القرشي في الخليفة، وهذا المعنى هو ما يذكرونه ولا يذكرون غيره، إلّا ابن خلدون، وهو فقيه ومؤرّخ، ذكر التوجيه الذي نقلناه عنه، وما ذكره ابن خلدون في فهمه للحديث، وإن كان -في نظرنا- يحتمله الحديث إلّا أنه احتمال مرجوح، كذلك يمكن القول على وجه الاحتمال المرجوح أنَّ الحديث مسوق على سبيل الإخبار بما سيقع، لا على سبيل الأمر بما يقع، وفي ضوء هذا كله الذي يترجَّح عندي الآن: إنَّه إذا تساوى اثنان في شروط الخلافة، وكان أحدهما قرشيًّا وجب اختيار القرشي، وإن كان القرشي عاريًا من شروط الخلافة والآخر مستوفيًا لها، إلّا أنه غير قرشي، قدِّم المستوفي لها على القرشي؛ لأن مقاصد الخلافة لا تتحقق بالقرشي وهو عاطل وعار من شروطها، وإنما تتحقق بالآخر الكفء القدير؛ لأن الأصل العام في الولايات لزوم توافر القدرة والكفاءة، وقد وجدتا، وإن لم يوجد القرشي أصلًا [1] مقدمة ابن خلدون ص195. [2] مقدمة ابن خلدون ص198 ويلاحظ أنَّ العصبية التي يتكلم عنها ابن خلدون ليست هي العصبية الجاهلية، وإنما يعني بها ارتباط القوم بسبب النسب أو غيره، وهذا الارتباط يجعلهم متعاونين أولي قوة، لا يستطيع غيرهم منازعتهم في الأمر.
نام کتاب : أصول الدعوة نویسنده : عبد الكريم زيدان جلد : 1 صفحه : 215