responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أصول الدعوة نویسنده : عبد الكريم زيدان    جلد : 1  صفحه : 249
"اليد العليا خير من اليد السفلى"، كما أنَّ في الزكاة والحج وصنوف البرِّ المختلفة والإنفاق في سبيل الله ثوابًا عظيمًا، ولا يتأتَّى هذا الثواب إلّا بالقيام بأسبابه؛ من حج وزكاة وغيرها، وهذه لا تتأتَّى إلا بوجود المال عند المسلم، والأصل في تحصيل المال العمل وبذل الجهد، ومن هنا صار العمل وسيلة للحصول على ثواب الله تعالى؛ لأنه وسيلة لتحصيل المال، وبذل المال وسيلة لمرضاة الله ونوال ثوابه، ولهذا جاء في الحديث الشريف: "نعم المال الصالح للرجل الصالح"؛ لأنَّ العبد الصالح ينفق المال الحلال الذي صار في يده في السبل المرضية عند الله، فينال ثوابه ورضوانه.
404- واختيار العمل المناسب للفرد متروك لتقديره، بمعنى أنَّ الإسلام يمنح الفرد حرية العمل، أي: الحرية الاقتصادية، فله أن يباشر ما يشاء من أوجه النشاط الاقتصادي دون إكراه أو إجبار أو منع، وليس في نصوص الشريعة ما يدل على خلاف هذا الأصل: الحرية الاقتصادية، أو حرية العمل للأفراد، والحقيقة أنَّ تقرير هذا المبدأ يقوم على أساسٍ من فطرة الإنسان، وحفظ كرامته وآدميته، ومسئوليته الفردية بما يصدر عنه، وملاحظة مصلحة الجماعة، وبيان ذلك أنَّ فطرة كل إنسان نزع إلى الحرية في رواحه ومجبيئه، وفي ما يأخذ ويترك، فلا يصح إهدار هذا الميل الفطري السليم الذي يحسّ به حتى الحيوان الأعجم، نعم قد تنحرف الفطرة فيختار الفرد ما يضر ولا ينفع، وما يحرم ولا يحل، فتحتاج في هذه الحالة إلى التقويم والتقييد لتعود حريتها في دائرة الحلال الواسعة الفسيحة، وأيضًا فإن في إقرار حرية العمل للإنسان حفظًا أكيدًا لكرامته وآدميته؛ لأن الإنسان حر مختار يمتاز عن الحيوان في اختياره، فلا يجوز أن يسوَّى بالحيوان الذي يسيره قائده كيفما يشاء، فلا يجوز أذن تقييد حريته في مجال العمل والنشاط الاقتصادي، وغلِّ يده عمَّا يهوى ويريد بلا ضرورة تقضي بذلك؛ لأن في هذا التقييد إهدارًا لآدميته، وهذا المعنى ملحوظ لدى فقهائنا العظام، حتى إنَّ الإمام أبا حنيفة -رحمه الله تعالى- لم يجز الحجر على السفيه بحجَّة أنَّ في هذا الحجر إهدارًا لآدميته، وهو أشد ضررًا على السفيه من ضياع ماله.
ولا يصح القول هنا بأنَّ من المصلحة للفرد وللمجموع تقييد حرية الفرد وإعطاء الدولة الحق في تعيين الأعمال لجميع الأفراد، لا يقال هذا القول؛ لأنَّ الإنسان لا يحتاج فقط إلى خبز يأكله ويملأ به معدته، وإنما يحتاج أيضًا إلى نسيم الحرية يملأ به روحه

نام کتاب : أصول الدعوة نویسنده : عبد الكريم زيدان    جلد : 1  صفحه : 249
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست