نام کتاب : أصول الدعوة نویسنده : عبد الكريم زيدان جلد : 1 صفحه : 99
فتدوم فيها معاني الإيمان والتقوى، ومنها الأخلاق الرضية؛ لأنَّ هذه الأخلاق لا تنبت إلّا في النفس الزكية، ولا شيء مثل العبادات بأنواعها المختلفة يزكي النفس ويهيئها لاكتساب الأخلاق الطيبة والتخلص من الاخلاق الرديئة، وفي كتاب الله إشارة إلى هذه المعاني، قال تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا، إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا، وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا، إِلَّا الْمُصَلِّينَ، الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ، وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ، لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} .
7- القيام بالأعمال المضادة للأخلاق التي يراد التخلص منها أو المضادة لمقتضاها، ويمكن أن نسمي هذا المسلك بمسلك التضاد أو المراغمة للشيطان؛ لأنَّ الشيطان يفرح لكل خلق رديء ويعمل على بقائه في النفس، ويزينه في عين صاحبه بما يلقيه من مبررات باطلة، فإذا قام الإنسان بعمل يناقض هذا الخلق ولا يتفق وما يقتضيه، كان ذلك بلا شك إغاظة للشيطان ومراغمة له، مما يدعوه إلى الكفِّ عن تزيين هذا الخلق الرديء وعن نفث المبررات الباطلة له، فإذا خنس الشيطان أمكن لهذا العمل أن يزعزع كيان هذا الخلق الرديء، أو يقضي عليه كما يقضي العلاج الفعَّال على المرض، ومِمَّا يدل على جودة هذ المسلك وأثره في تقويم الأخلاق ما ورد في الحديث أنَّ رجلًا شكا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قسوة قلبه، فقال له رسول الله: "امسح رأس اليتيم وأطعم المسكين".
ومن أمثلة أعمال التضاد والمراغمة علاج الحسد، بأن يبادر الحاسد إلى الاستغفار والدعاء بالخير إلى المحسود، فإنه سيشعر بزوال الحسد في قلبه، ومن علاج الكبر جلوس المتكبر مع الفقراء والمساكين والصعاليك، والجلوس في آخر المجلس، والقيام بالأعمال التي يعدّها الناس حقيرة لا تليق بالمتكبرين، مثل حمل الحطب ونحو ذلك.
ومما يمكن اعتباره من أعمال هذه الوسيلة ما جاء في الحديث الشريف: "إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلّا فليضطجع" [1]، وفي حديث آخر: "إذا غضب أحدكم فليتوضأ بالماء، فإنما الغضب من النار، وإنما تطفأ النار بالماء". [1] لأن القائم متهيئ للانتقام، والجالس دونه، والمضطجع دونهما.
نام کتاب : أصول الدعوة نویسنده : عبد الكريم زيدان جلد : 1 صفحه : 99