غير مكانها فهي من البعد تشبه الآلة المعدة للإنتاج ولكنها في حقيقتها آلة جوفاء تصدر أصواتاً متنافرة ولا تنتج شيئاً أو كما قال أسلافنا العرب وصدقوا "نسمع جعجعة ولا نرى طحناً"، والعجب أن هذه الآلة في النهاية تكون قوة حارقة للاقتصاد وغير موفرة أو منتجة له، تماماً كما لو كان عندك بقرة تأكل كثيراً ولا تنتج من الحليب إلا شيئاً يسيراً ثم تغافلك وترضع نفسها.
من أغرب الغرائب أننا في البلاد العربية نتبع سياسة عرجاء أو عمياء في الاقتصاد فبينما يرتفع الشعار في الدول الاشتراكية: "لا طعام دون عمل" ونرى الناس هناك يندفعون إلى العمل في تلك الآلة الضخمة التي يراعي القائمون عليها الإنتاج قبل الإنسان، وكذلك في النظام الرأسمالي لا طعام أيضاً دون عمل وإنتاج وإن كانت الآلة هناك آلات متعددة خاصة، (مؤسسات رأسمالية) لا وجود لإنسان في واحدة منها إلا بإنتاج يساوي أضعاف أضعاف ما يأخذه من راتب، أقول بينما نعيش في عالم على هذا النحو في جناحيه الرأسمالي والشيوعي فإننا نعيش في بلاد الشعار فيها (لا طعام دون وظيفة ومركز) ، والوظيفة معناها (الدوام) والدوام عندنا لا يرتبط بالإنتاج كماً ولا كيفاً، وإنما يرتبط بالزمن فقط، وهكذا نملك صورة الإنتاج لا حقيقته وشكل الآلة لا مضمونها، نملك بقرة لكنها بدلاً من أن تُرضع أولادها تُرضع نفسها، والعجب بعد ذلك ممن يصرخون هنا وهناك كالببغاوات مرددين أن النظام الرأسمالي كفر والنظام الشيوعي كفر، ونظامنا (هذا) هو الإسلام أو قريباً من الإسلام والحال أن النظام الاقتصادي القائم في دولنا العربية والإسلامية لا يمت إلى الإسلام بوشيجة ولا قربى، فإن من أعظم المحرمات في الإسلام المال العام ولا يجوز الأخذ منه إلا