نام کتاب : الاستشراق والتبشير نویسنده : محمد السيد الجليند جلد : 1 صفحه : 75
معانٍ جزئية تتعلق بالمحسوسات وصدقها وكذبها يظهر قريبًا من الواقع، فيستفيد طالبها حصول العلم بها.
وفي هذا النص نجد أن خطوات المنهج الاستقرائي الفطري محددة وواضحة حيث يجمع المرء الوقائع الجزئية عن طريق التجارب اليومية، ثم يضع فروضًا تكاد تكون غير شعورية ثم يتحقق من صدقها أو كذبها بالواقع.
وما سماه ابن خلدون بالاستقراء الفطري هو ما أطلق عليه كلود بارنارد بالخبرة العلمية غير الشعورية التي يكتسبها المرء بمباشرة الأشياء، ومع ذلك فمن الضروري أن تكون هذه المعرفة المكتسبة بهذا الطريق مصحوبة بتفكير تجريبي غامض يتم بطريقة غير شعورية يقوم بها الإنسان دون أن يدري، وفرَّق ابن خلدون بين الاستقراء الفطري والعلمي، فإن الاستقراء العلمي يتم بطريقة شعورية للوصول إلى غاية محددة، وذلك بأن ينتقل الباحث بطريقة مقصودة من دراسة الأمثلة الجزئية حتى يصل إلى القاعدة العامة.
هذه بعض النماذج التي ذخر الفكر العربي بالكثير منها في وقت كانت أوروبا تقف فيه من هذا التراث موقف التلميذ المتلقي، ولا أدلّ على ذلك مما كتب في دائرة المعارف البريطانية[1].
لا يستطيع أحد أن ينكر ما اتصف به التفكير الغربي في العصور الوسط من البعد التام عن العلوم وعن النقد. إن وجود شخص واحد مثل روجر بيكون في عصر ما لا يبرئ ذلك العصر من تهمة الجهل: "ولقد أبدى بيكون إعجابه في أكثر من موقف من الرجل الذي يريد أن يبحث في الفلسفة دون أن يعرف اللغة العربية[2]، وهذا يعتبر اعترافا صريحا من روجر بيكون بقيمة الزاد الحضاري الذي أمكن أن تقدمه هذه اللغة في تراثها، ولا يخفى أن هذا المفكر نفسه قد أفاد من هذه اللغة وتراثها بحيث اعتبره الأوروبيون أبا للفكر الحديث. [1] ج17/ 410 ط11. [2] انظر فروخ 115 "46 ADDISON".
نام کتاب : الاستشراق والتبشير نویسنده : محمد السيد الجليند جلد : 1 صفحه : 75