وتضيع أصوله، وتشويهه، وإتلافه؛ لولا أن الله سبحانه وتعالى شاء حفظه وأراد، ورد كيد أعدائه، وجعل سعيهم في تحريفه إلى ضلال، وهيأ في كل عصر من عصور الإسلام من ينفي عن هذا الدين تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، ولولا ذلك؛ لانطمست طريق هذا الدين كما انطمست اليهودية والنصرانية.
ولقد كانت هذه الحركات التصحيحية التجديدية لهذا الدين هي الحركة السلفية التي حافظت على أصول هذا الدين نقية خالصة، ونفت عنه كل بدعة، وردت عنه كل ضلالة، وصححت كل تأويل وتحريف.
فالصحابة العدول رضي الله عنهم نقلوا الأمانة كاملة، وبلغوها غير منقوصة، ووقفوا بالمرصاد لكل تأويل باطل وكل انتحال وتحريض، وحمل الراية من بعدهم علماء التابعين ومن وراءهم.
وفي عهدهم اتسعت دائرة الأمة الإسلامية، وكثر الداخلون من الفرس والروم والشعوب الأخرى، وأراد بعضهم أن يدخل في الدين ما ليس منه؛ بقصد أو بغير قصد، فقام هؤلاء العلماء الأجلاء حراساً لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وحفظ لنا التاريخ جهادهم في هذا السبيل؛ حرباً للمبطلين، ورداً للزيف عن هذا الدين، ووقوفاً في وجه انحراف الحكم والسياسة، ونشراً للدين النقي الخالص في كل الربوع، حتى سلموا الراية لمَن بعدهم في العلم والإيمان كاملة، عزيزة الجانب، ظاهرة عالية.