ومما يدل على ذلك ما رواه ابن كثير: " اجتمع علية من أشراف قريش. . . فبعثوا إليه إن أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليكلموك، فجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعا، وهو يظن أنه قد بدا لهم في أمره بدو، وكان حريصًا يحب رشدهم، ويعز عليه عنتهم، حتى جلس إليهم " [1] .
وهكذا كان موقفه صلى الله عليه وسلم مع عمه أبي طالب، وهو كبير قريش، حيث كان يقول له: ". . . وأنت أي عم أحق من بذلت له النصيحة، ودعوته إلى الهدى، وأحق من أجابني إليه وأعانني عليه " [2] .
وكذلك كان موقفه صلى الله عليه وسلم مع عتبة بن ربيعة، وهو أحد سادات قريش، فقد أظهر صلى الله عليه وسلم من العناية به والتلطف في دعوته ما جعله يعود بغير الوجه الذي جاء به، ومما يدل على مكانته في قريش قولهم: صبا أبو الوليد لتصبون قريش كلها [3] .
بل كان يبدأ بعرض الدعوة على ذوي المكانة من الأشراف والسادة، يقول ابن إسحاق: " لما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف عمد إلى نفر من ثقيف هم يومئذ سادة ثقيف وأشرافهم. . . فدعاهم إلى الله " [4] .
ثم لما عاد صلى الله عليه وسلم إلى مكة كان لا يسمع بقادم يقدمها من ذوي المكانة [1] ابن كثير، السيرة النبوية، 1 / 478، 479. [2] ابن هشام، السيرة النبوية 1 / 229. [3] القرطبي، الجامع لأحكام القرآن 15 / 339. [4] ابن هشام، السيرة النبوية، 2 / 47، 48.