المبحث الأول
تهيئة النفوس للسماع بالتدرج في الدعوة تتهيأ النفوس للسماع، فالحجة لا تقوم على المدعوين إلا بالسماع [1] ولذا أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بإجارة المستجير من المشركين لأن إجارته تهيئة لنفسه للسماع، فقال تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} [التوبة: 6] [2] .
فأوجب سبحانه كف القتال عمن أظهر الرغبة في سماع كلام الله [3] . بل جعل الغاية من إجارته إسماعه كلام الله ليكون كلام الله أول ما يقرع سمعه فيقع من نفسه موقع التمكن، وبذلك تقوم عليه الحجة [4] .
وإذا فلا ضير من إعطاء المشركين الفرصة لكي تتهيأ نفوسهم لسماع القرآن ومعرفة هذا الدين، لعل قلوبهم تتفتح وتتلقى وتستجيب، فتزكو تلك القلوب، وتطيب تلك النفوس.
وقد فعل صلى الله عليه وسلم ذلك فقد كان يهيئ نفوس المشركين للسماع، فحينما [1] انظر: ابن تيمية، التفسير الكبير 6 / 33. [2] سورة التوبة، الآية: 6. [3] انظر: محمد رشيد رضا، تفسير المنار 10 / 177. [4] انظر: المرجع السابق 10 / 118.