[المبحث الثالث ترسيخ الإسلام في النفوس]
المبحث الثالث
ترسيخ الإسلام في النفوس إن قبول النفوس للحق واتعاظها بالمواعظ يؤدي لا شك إلى رسوخها في الحق وثباتها عليه، يدل على ذلك قوله عز وجل: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} [النساء: 66] [1] .
ذكر الفخر الرازي في هذا التثبيت ثلاثة أوجه:
1 - أن ذلك أقرب إلى ثباتهم عليه واستمرارهم؛ لأن الطاعة تدعو إلى أمثالها.
2 - أن يكون أثبت وأبقى لأنه حق، والحق ثابت باق والباطل زائل.
3 - أن الإنسان يطلب أولا تحصيل الخير فإذا حصّله يطلب أن يصير ذلك الحاصل ثابتًا باقيًا [2] .
وتظهر لنا حكمة التدرج في ترسيخ هذا الدين في النفوس في الوجه الثالث من هذا القول حيث البدء بطلب الخير ثم طلب بقائه وثباته.
وإنما كان العمل وإتيان الأمور الموعوظ بها في الدين يزيد العامل قوة وثباتًا، لأن الأعمال هي التي تطبع الأخلاق والملكات في نفس العامل، وتبدد المخاوف والأوهام من نفسه [3] ولا يكون ذلك إلا بالتدرج، ذلك أن العبد القائم بما أمر به لا يزال يتمرن على الأوامر الشرعية حتى يألفها، [1] سورة النساء، الآية: 66. [2] الفخر الرازي، التفسير الكبير 10 / 168. [3] انظر: محمد رشيد رضا، تفسير المنار 5 / 243.