[المسألة الثانية التدرج في الدعوة باعتبار الوسيلة والأسلوب]
المسألة الثانية
التدرج في الدعوة باعتبار الوسيلة والأسلوب بينت في صلب هذا البحث أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ عدة وسائل في تبليغ دعوته فابتدأ بالقول، ثم لما هاجر إلى المدينة اتخذ وسيلة السرايا والغزوات لحماية الدعوة، وإخضاع أعدائها لها، ثم اتخذ وسيلة الكتب، والرسائل لتبليغ الدعوة خارج المحيط العربي، ثم اتخذ وسيلة البعوث، لتكون وسيلة دعوية تعليمية، وذلك في آخر حياته صلى الله عليه وسلم، وسلك صلى الله عليه وسلم أساليب حكيمة في دعوته، فابتدأ بأسلوب العرض في العهد المكي، ثم في بداية العهد المدني اتخذ أسلوب الحماية لحماية الدعوة والدفاع عنها، ثم اتخذ أسلوب الإلزام بعد أن هزم الله أعداءه، وظهرت قوته، فألزم من تبقى من أعداء الدعوة بالخضوع لها، ثم اتخذ أسلوب التأليف بعد أن أفاء الله عليه في حنين. والمتأمل لسيرته صلى الله عليه وسلم يتبين له أن تلك الوسائل والأساليب قد جاءت متدرجة خطوة خطوة، فهل يلزم الدعاة في هذا العصر أن يتخذوا تلك الوسائل والأساليب بعينها وأن يتدرجوا فيها أم أنها خاصة به صلى الله عليه وسلم؟
لا شك أن ظروف دعوته صلى الله عليه وسلم تختلف عن ظروف الآخرين، فهو - عليه الصلاة والسلام - إنما يتلقى الوحي من الله تعالى في كل شيء من أمور دعوته، ثم إنه صلى الله عليه وسلم اتخذ تلك الوسائل والأساليب وتدرج فيها مراعيًا في ذلك ظروف الدعوة المكانية والزمانية، وكان صلى الله عليه وسلم يقوم بهذا العمل بصفته ولي أمر المسلمين في عصره صلى الله عليه وسلم.