ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب[1]، وإن مآثر الجاهلية موضوعة غير السدانة والسقاية، والعمد قود[2]، وشبه العمد ما قتل بالعصا والحجر وفيه مائة بعير، فمن زاد، فهو من أهل الجاهلية.
أيها الناس: إن الشيطان قد يئس أن يعبد في أرضكم هذه، ولكنه[3] قد رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم، أيها الناس: إنما النسيء[4] زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما، ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله، وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله [1] وكان مسترضعا في بني ليث فقتلته بنو هذيل. [2] القود: القصاص، أي من قتل عمدا يقتل. [3] في رواية الكامل لابن الأثير: "إن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم هذه أبدا، ولكنه يطاع فيما سوى ذلك، وقد رضي بما تحقرون من أعمالكم". [4] أي تأخير حرمة شهر إلى آخر، وذلك أن العرب في الجاهلية كانوا إذا جاء شهر حرام وهم محاربون أحلوه، وحرموا مكانه شهرا آخر فيحلون المحرم، ويحرمون صفرًا، فإن احتاجوا أحلوه وحرموا ربيعًا الأول، وهكذا حتى استدار التحريم على الشهور السنة كلها، وكانوا يعتبرون في التحريم مجرد العدد لا خصوصية الأشهر المعلومة، وأول من أحدث ذلك جنادة بن عوف الكناني، كان يقوم على جمل في الموسم فينادي: إن آلهتكم قد أحلت لكم المحرم فأحلوه، ثم ينادي في القبائل: إن آلهتكم قد حرمت عليكم المحرم، فحرموه. زيادة في الكفر، أي كفر آخر ضموه إلى كفرهم.
ليواطئوا: أي يوافقوا عدة الأشهر الأربعة المحرمة، وكانوا ربما زادوا في عدد الشهور بأن يجعلوها ثلاثة عشر أو أربعة عشر؛ ليتسع لهم الوقف، ويجعلوا أربعة أشهر من السنة حراما أيضا، ولذا نص على العدد المبين في الكتاب والسنة، وكان وقت حجهم يختلف من أجل ذلك، وكان في السنة التاسعة التى حج فيها أبو بكر بالناس في ذي القعدة، وفي حجة الوداع في ذي الحجة، وهو الذي كان على عهد إبراهيم الخليل ومن قبله من الأنبياء في تحريم الأشهر الحرام، ولذا قال عليه الصلاة والسلام: "إن الزمان قد استدار ... إلخ" -راجع تفسير الألوسي ج3 ص 305.